هذا الحديث في حق إمام فرضه القراءة، وأما الأمي فقد سقط عنه فرض القراءة، فيقرأ المأموم لنفسه، وتصح إمامة الأمي.
الدليل الثالث:
الأمي يمكنه أن يصلي بقراءة وذلك بأن يصلي خلف قارئ، فإذا لم يفعل صار كأنه ترك القراءة مع قدرته عليها.
ولزم من الصلاة خلف الأمي أحد أمرين:
إما أن نقول بسقوط القراءة عن المأموم، وهذا يعني جواز الصلاة بغير قراءة مع القدرة عليها، وقد قال النبي ﷺ في حديث عبادة:(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). متفق عليه.
أو نلزم المأموم بالقراءة، والمأموم لا قراءة عليه في أصح أقوال أهل العلم. ولأن الأُمي إذا وجد قارئًا منع أن يصلي منفردًا، فكان بالمنع من أن يكون إمامًا للقارئ أولى.
ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ومن لا تجب عليه القراءة عن نفسه، كيف يجب عليه أن يتحمل القراءة عن غيره وإلا لم تصح إمامته.
الوجه الثاني:
سقوط القراءة عن المأموم راجع لأحد احتمالين:
إما لأنه كان يسمع قراءة الإمام، وهو مأمور في مثل هذه الحالة بالاستماع والإنصات، لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، فإذا كان المأموم لا يسمع قراءة إمامه إما لأن الصلاة سرية، وإما لسقوط القراءة عن الإمام لكونه أميًّا، فعلى المأموم أن يقرأ حينئذٍ، كما لو كان لا يسمع إمامه لبعد أو طرش، والله أعلم.
وإما لأن القراءة ليست واجبة على المأموم لكونه مأمومًا، لا لكون الإمام يتحملها