للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويناقش:

العلماء متفقون على أنه يشترط لصلاة السكران أن يعلم ما يقول، وهل هو شرط لوجوب الصلاة عليه، أم هو شرط لصحة الأداء؟ فيه خلاف.

فوجوب القضاء على السكران هو أثر من القول بأنه مكلف، وهي مسألة مختلف فيها، فتكليف السكران بالقضاء لا يعني وجوب الأداء عليه حال سكره ما دام لا يعلم جميع ما يقول، فالنائم يجب عليه قضاء الصلاة إجماعًا، ولا يجب عليه أداء الصلاة وقت النوم، فسقوط الأداء لا يلزم منه سقوط القضاء فالأئمة الأربعة يرون وجوب القضاء على السكران مطلقًا سواء علم ما يقوله أم لا، وهو دليل على تكليفه، وهي قضية ناقشتها في شروط الصلاة، فارجع إليها.

دليل من قال: إذا تغير عقله عما كان عليه قبل شرب الخمر فهو سكران:

استدلوا بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣].

وجه الاستدلال:

فقد خاطب الشارع السكران حال السكر بالكف عن الصلاة حتى يعلم ما يقول، فدل على أن السكران معه قدر من العقل يفهم معه الخطاب، ويوجه له الأمر والنهي، ولو كان السكران لا يكون إلا من لا يعرف شيئًا لم يخاطب بالنهي عن قربان الصلاة في تلك الحال، ولَمَا اهتدى سكران لمنزله أبدًا؛ إذ معروف أن السكران يأتي منزله، ويقال: جاءنا، وهو سكران (١).

قال ابن قدامة: «السكران لا يزول عقله بالكلية ولهذا يتقي المحذورات ويفرح بما يسره، ويساء بما يضره، ويزول سكره عن قرب من الزمان، فأشبه الناعس، بخلاف النائم والمجنون» (٢).

وأجيب:

الآية تنهى شارب الخمر عن شرب الخمر في أوقات الصلوات؛ لأن شربه


(١) انظر: الإشراف (٧/ ٣٤٢)، شرح البخاري لابن بطال (٦/ ٤٩).
(٢) المغني (٩/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>