للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن حزم: «ومن خلط فأتى بما يعقل، وما لا يعقل فهو سكران، لأنه لا يعلم ما يقول» (١).

وقيل: إذا كان الغالب عليه اختلاط العقل فهو سكران، وبه قال أبو يوسف، ورجحه الطحاوي (٢).

دليل الحنفية على أن السكران هو الذي لا يعرف السماء من الأرض:

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣].

وجه الاستدلال:

ظاهر الآية يدل على أن السكر الذي يتعلق به الحكم هو الذي لا يعقل صاحبه ما يقول، وأن السكران الذي يدري ما يقول: لا يتناوله النهي عن فعل الصلاة، فالسكران متى ميَّز فذلك دلالة الصحو، وهذا ضد السكر، فمتى ثبت أحدهما أو شيء منه لا يثبت الآخر.

ويناقش:

قوله: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ (ما) تحتمل أن تكون مصدرية، فيكون التقدير حتى تعلموا قولكم. وقول: نكرة مضافة إلى معرفة فتعم جميع القول.

أو تكون موصولة، فيكون المعنى: حتى تعلموا الذي تقولونه.

وأسماء الموصول من ألفاظ العموم، وعليه فالآية جعلت غاية النهي أن يعلم ما يقول، وظاهر الآية: أن يعلم جميع ما يقول، فمن لم يعلم بعض ما يقول فلا يزال تأثير السكر فيه، فلا ينتفي عنه السكر حتى يعلم جميع ما يقوله.

الدليل الثاني:

أن السكران الذي يميز معه من العقل ما يقوم به التكليف فكان كالصاحي، بخلاف السكران الذي لا يدري ما يقول فهذا لا يجوز تكليفه، فهو كالمجنون والنائم.


(١) المحلى (٩/ ٤٧٢).
(٢) شرح مشكل الآثار (١٢/ ٢٣٧)، المعاني البديعة في معرفة اختلاط الشريعة (٢/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>