للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من غير ضرورة بطلت صلاته؛ لأنه ملابس في صلاته ما قضى الله عليه بالنجاسة.

وقولنا: ما في باطن الحيوان لا يقضى عليه بشيء، إنما يريد العلماء بذلك الذي لم يقض عليه قبل ذلك بالتنجيس، أما ما قضي عليه بالتنجيس قبل ذلك فلا فرق بينه في ظاهر الجسد وفي باطنه تبطل به الصلاة، فإن حدث عنه عرق يختلف في نجاسة ذلك العرق بناء على الخلاف في رماد الميتة ونحوه من النجاسات التي طرأت عليها التغيرات والاستحالات (١).

وقال الدسوقي في حاشيته: «ولو أكل أو شرب نجسًا وجب عليه أن يتقايأه إن أمكن، وإلا وجب عليه الإعادة أبدًا مدة ما يرى بقاء النجاسة في بطنه، فإن لم يمكن التقايؤ فلا شيء عليه؛ لعجزه عن إزالتها» (٢).

الراجح:

هذا القول لا أعرفه إلا للمالكية، وهو مبني على أمرين: نجاسة الخمرة، وهو قول الجمهور، وفيها خلاف، وتنجس الباطن بها، ولم أحفظ نصًا يأمر بتطهير الباطن بالتقيؤ، أو الانتظار عن الصلاة مدة بقاء الخمرة في جوفه، فالآية الكريمة جعلت غاية النهي عن قربان الصلاة قوله تعالى: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾. فإذا علم السكران ما يقول كان مخاطبًا بالصلاة، وما زاد على ذلك فهو خروج عن مقتضى الآية، ولو قالوا: يتمضمض ويصلى كما كان يشترط ذلك ابن المبارك بإعطاء داخل الفم حكم الخارج لكان الأمر قريبًا، فالراجح قول الجمهور، والله أعلم.

الحال الثالثة: من تغير عقله، ولم يذهب بالكلية، فهل يدخل في حد السكران، أو يلحق بالعاقل؟ في هذا خلاف بين العلماء.

فقيل: له حكم الصاحي، وهذا مذهب الحنفية (٣).


(١) انظر: الفروق (٢/ ١٢٠).
(٢) حاشية الدسوقي (١/ ٦٧)، وانظر: مواهب الجليل (١/ ١٣٥)، شرح الخرشي (١/ ١٠٢).
(٣) حاشية ابن عابدين (٣/ ٢٤٠)، فتح القدير (٣/ ٤٨٩)، البحر الرائق (٣/ ٢٦٦)، أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٥٤)، بداية المبتدي (ص: ١٠٨)، المبسوط (٩/ ١٠٥)، بدائع الصنائع (٥/ ١١٨)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>