المشروع بغيره، والله قد تعهد بحفظ شريعته، فليس التعهد بحفظ القرآن حفظًا لحروفه فحسب، بل ويشمل ذلك الحفظ حفظ أحكامه من أن تضل الأمة عنها. ولذلك لما بيت المنافقون فضحهم الله ﷿، قال تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٨].
فهذه الآيات تخبر النبي ﷺ بما قالوه أو بما سوف يقولونه.
وقد ناقشت مسألة الاحتجاج بإقرار الله في كتابي موسوعة الطهارة، فارجع إليه (١).
الطريق الثاني من الاستدلال:
إذا لم يثبت إقرار الله، ولا إقرار النبي ﷺ، فيبقى هذا الحديث اجتهادًا جماعيًّا من هؤلاء الصحابة، في فهم أمر النبي ﷺ ووصيته لهم، بقوله:(ليؤمكم أكثركم قرآنا)، ولا أعلم نصًّا مرفوعًا يعارض اجتهاد هؤلاء الصحابة، ولا أثرًا صحيحًا من قول صحابي آخر يعارض هذا الاجتهاد، وكل ما أثر عن ابن مسعود أو ابن عباس لا يثبت عنهم، فهذه الإمامة من الصبي لم تقع مرة واحدة لم يعلم بها أحد، ولا كانوا
(١) راجع كتابي موسوعة أحكام الطهارة، ط الثالثة (٨/ ٢٢٨).