للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بمكان معزول، فقد كانوا بممر الناس، فكانوا يصلون معهم، ولم يعترض عليهم أحد، لا زمن التشريع، ولا زمن خلافة أبي بكر، ولا زمن خلافة عمر حتى بلغ الصبي في عهد عمر ، واستمر إمامًا حتى توفي شيخًا كبيرًا، فكان إجماعًا سكوتيًا، فهو أبلغ من قول يؤثر عن واحد من الصحابة، قد لا يعلم به أحد، ومع ذلك يحتج بقول الصحابي، فكيف لا يحتج باجتهاد هؤلاء.

واعترض على هذا الاستدلال:

الاعتراض الأول:

أن إمامته بهم في مثل هذه الحال كانت ضرورة؛ لعدم وجود من يقرأ من قومه، وإذا اجتمع أميٌّ بالغ، أو صبي قارئ، قدم الصبي؛ للضرورة، ذكر ذلك الإمام الزهري، والإمام أحمد، وابن بطال في شرح البخاري (١).

قال الزهري: إذا اضطروا إليه أمهم (٢).

ونقل أبو طالب عن الإمام أحمد في إمامة الغلام: لا يصلي بهم حتى يحتلم، لا في المكتوبة، ولا في التطوع.

قيل له: فحديث عمرو بن سلمة، أليس أَمَّ بهم، وهو غلام؟

فقال: لعله لم يكن يحسن يقرأ غيره (٣).

ويجاب:

مع أن الإمام أحمد لم يجزم بهذا الاحتمال؛ لأنه ساقه مساق الرجاء، فإن في الحديث ما يدل على بعد هذا الاحتمال، فالحديث نص على أن تقديم عمرو بن سلمة؛ لكونه أكثرهم قرآنا، فوالده حمل لقومه أمر النبي : (ليؤمكم أكثركم قرآنًا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني)، ولم يقل: فنظروا فلم يكن أحد يقرأ القرآن غيري بدليل أن الذي حمل لهم صفة الصلاة، وعلمهم كيف يتوضؤون وكيف يصلون الصلاة في أوقاتها لابد أنه كان معه من القرآن ما تصح به الصلاة،


(١) انظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٩٩).
(٢) الأوسط لابن المنذر (٤/ ١٥١)، معالم السنن للخطابي (١/ ١٦٩).
(٣) فتح الباري لابن رجب (٦/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>