للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الإمام، والخنثى خلف الرجل، والمرأة خلف الخنثى» (١).

الحال الخامسة: أن يصلي نساء خلف خنثى، فاختلف العلماء في حكم إمامته:

فقيل: تصح مع الكراهة التحريمية بشرط أن يتقدمهن، فإن قام وسطهن فسدت صلاته؛ لوجود المحاذاة؛ لاحتمال أن يكون رجلًا (٢).

وجه هذا القول:

لأنه إن كان الخنثى رجلًا فإمامته للنساء صحيحة بإطلاق، وإن كان الخنثى امرأة كانت إمامته صحيحة لكن مع الكراهة التحريمية؛ لأن الجماعة للنساء عند الحنفية تصح مع الكراهة التحريمية، وقد ذكرت أدلة الحنفية على حكم الجماعة للنساء في مسألة مستقلة.

واشترط الحنفية أن يتقدمهن؛ لأنه إن قام الخنثى وسطهن مع احتمال كونه رجلًا فسدت صلاته لمحاذاته للنساء (٣).

جاء في البحر الرائق: «وكره جماعة النساء؛ لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم … وهو يدل على أنها كراهة تحريمية … فإن فعلن تقف الإمام وسطهن» (٤).

فصحح الفعل مع الكراهة التحريمية، وكل صلاة أديت بالكراهة التحريمية عند


(١) الحاوي الكبير (٢/ ٣٤٠).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ١٤٠)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥٧٧)، الفتاوى الهندية (١/ ٨٥)، البحر الرائق (١/ ٣٨١)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٢/ ٦٨).
(٣) الكراهة التحريمية عند الحنفية دون المحرم، وأعلى من المكروه تنزيهًا.
فالمحرم ما ثبت بدليل قطعي، يقابله: الفرض.
والمكروه كراهة تحريمية: ما ثبت النهي عنه صريحًا، وكان الدليل ظنيًّا، ولم يكن هناك قرينة تدل على أن النهي لا يمنع من الفعل، ويأثم مرتكبه، ولا تبطل به الصلاة، ويقابله: الواجب، والسنة المؤكدة.
وهو تفريق اصطلاحي عندهم كما فرقوا بين الفرض والواجب، ويأثم تارك السنة المؤكدة عند الحنفية، كما لو ترك السنن الرواتب، أو ترك صلاة الجماعة.
انظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٦٤١، ٦٥٤)، تبيين الحقائق (١/ ١٦٤)، النهر الفائق (١/ ٢٧٨)، البحر الرائق (٢/ ٣٥)، الدر المختار (ص: ٨٧).
(٤) البحر الرائق (١/ ٣٧٢، ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>