للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الراجح:

المسألة تنازعها أصلان:

الأول: الخلاف في ارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه، فمن قال: بارتباط الصلاتين صحة وفسادًا، فسوف يبطل صلاة المأموم خلف من لا تصح إمامته سواء أكان لحدثه أو كان لعدم أهليته للإمامة كالكافر والمجنون والمرأة للرجال، ونحوها.

ومر معنا فيما سبق اختلاف الفقهاء في ارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه إلى ثلاثة أقوال:

الأول: القول بارتباط الصلاتين صحة وفسادًا، فإذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة كل من صلى خلفه، ولو لم يعلم ذلك إلا بعد الفراغ من الصلاة، وهذا مذهب الحنفية.

الثاني: القول بعدم الارتباط مطلقًا، حتى إن الإمام لو تعمد الحدث في الصلاة، أو تمادى في صلاته بعد أن تذكر أنه محدث، فصلاته باطلة، ويستحق الإثم، ولا تبطل صلاة المأموم إلا أن يكون عالمًا بحدث إمامه، وتمادى بالصلاة معه، وهذا قول الشافعي. والعجيب: أن الشافعي مع تبنيه هذا الأصل لم يصحح الصلاة خلف الكافر، ولو خفي كفره (١).

الثالث: أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام في الجملة، فإذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة المأموم إلا أن يكون الإمام معذورًا، كما لو صلى الإمام، وهو


(١) والغريب أن الشافعية لا يطردون في مثل هذه المسائل، ففي صلاة القارئ خلف الأمي أبطلوا الاقتداء، وإن لم يعلم بحال الإمام، ليس لأن المأموم لا يقرأ الفاتحة، فهم يوجبون عليه القراءة بل لاحتمال وجود مسبوق تحمل الإمام عنه القراءة.
جاء «مغني المحتاج (١/ ٤٨٠): «(ولا) قدوة (قارئ بأمي في الجديد) وإن لم يعلم؛ لأنه بصدد أن يتحمل القراءة عن المأموم المسبوق، فإذا لم يحسنها لم يصلح للتحمل، والقديم يصح اقتداؤه به في السرية دون الجهرية بناء على أن المأموم لا يقرأ في الجهرية، بل يتحمل الإمام عنه فيها، وهو القديم. وذهب المزني إلى صحة الاقتداء به سرية كانت أو جهرية، ومحل الخلاف فيمن لم يطاوعه لسانه، أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن فيه التعلم، وإلا فلا يصح الاقتداء به قطعًا».
كما أن الإمام إذا كان محدثًا لا يتحمل سهو المأموم عند الشافعية.
وهذا ما جعل المزني يتعقب إمامه كثيرًا، ويرد عليه بالقياس على أصول إمامه، ويضيق بعض الشافعية باعتراضات المزني والحق مع المزني، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>