دليل من قال: إن كان آمنا وطالت مدة إمامته فصلاة من صلى خلفه صحيحة:
هذا القول يرجع إلى القول السابق، فإذا أظهر الإمام إسلامه ولم يكن خائفًا، وطالت مدة صلاته بالناس أصبح هذا الإمام ظاهره الإسلام، فمن صلى خلفه معتقدًا إسلامه، فتبين أنه يبطن الكفر، فهو معذور.
ولأن المطالبة بإعادة الصلاة مع طول إمامته فيها مشقة على الناس، وإذا سقطت الصلاة عن الحائض مع أهليتها للتكليف لتكرار الحيض، ولم يسقط قضاء الصوم لانتفاء التكرار، فمن باب أولى أن تسقط الإعادة على المأموم إذا طالت مدة إمامة الكافر بالناس، وكان يتظاهر بالإسلام، والله أعلم.
ويناقش:
هذا القول قد يعكس، فيقال، إذا طالت مدة إمامته كان المأموم غير معذور في عدم كشف حال الإمام؛ لأن من طالت إمامته للناس ولم يكشف حاله كان المأموم منسوبًا إلى نوع من التفريط، لأن دلائل الكفر واضحة، وإن تكلف الرجل في إخفائها، ولا بد أن يبدر منه من لحن القول ما يدل على ما يكتمه الصدر، بخلاف رجل كافر لا يعرف تقدم في صلاة من الصلوات، فأم الناس، وهم يظنونه مسلمًا.
ثم اشتراط طول المدة، ما مقدار الطول؟ هذا يحتاج إلى توقيف.
وأما التعليل بسقوط القضاء للمشقة مع طول المدة فهذا تعليل ظاهر، والمشقة معتبرة، لكن هذا يقال: إذا قلنا: صلاة المأموم باطلة خلف الكافر، والمخالف يقول: لا يجب القضاء حتى يسقط بطول المدة؛ لأن المأموم معذور بجهله، والله أعلم.
دليل من قال: لا يعيد مأمومه ما جهر فيه، ويعيد ما أسر فيه:
لم أقف على دليل هذا القول، وقد حكاه بعض المالكية قولًا في مذهبهم، ولو عكس لكان له وجه؛ لأن الصلاة السرية يقرأ المأموم الفاتحة، فتصح الصلاة خلف الكافر، بخلاف الجهرية فإن المأموم مأمور بالاستماع إلى قراءة إمامه، وقد ناقشت هذا القول وأجبت عنه.