للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الإمام بالصلاة في مكان معين فهذا أمر خارج عن مسألة الخلاف، فإذا كان الإمام مجاورًا للمسجد، فلا مشقة عليه، فهل يجوز له أخذ الأجرة على الإمامة؟

إن قلتم: لا يجوز له أخذ الأجرة على الإمامة نقضتم مذهبكم. وإن قلتم بالجواز أبطلتم دليلكم.

ورد هذا الاعتراض:

بأن الإمام وإن كان مجاورًا للمسجد فإنه لا ينفك عن التنقل لمصالحه، ومن حاجته للسفر، فإذا انتصب للإمامة فمن حين أن يقرب وقت الصلاة عليه أن يدع كل شيء يشتغل به ليكون قريبًا من المسجد ليتمكن من الصلاة بالناس، وإذا لم يتمكن أناب من يقوم عنه بالإمامة، بخلاف المأموم فإنه يصلي حيث أدركته الصلاة، فهذا الارتباط لا ينفك عن الإمامة، ولذلك جرى التفريق في الحكم بين المصلي منفردًا وبين الإمام، فالأول لا يجوز له المعاوضة بخلاف الثاني.

ولذلك قال المازري عن بعض شيوخه: «يرتفع الخلاف في المنع إذا كان ثم فعل لا يلزم المصلي، كما يرتفع الخلاف في الجواز إذا لم يزد على الواجب» (١).

ونقل عن المازري أنه حكى قولًا بجواز الإجارة لمن بعدت داره، لا لمن قربت، وما ذكره نحو قول ابن بشير هو عند المحققين خلاف في حال، فإن كان يتكلف في ملازمة الصلاة في موضع معين، والقصد إليه يشق صحت الإجارة، وإن كان لا مشقة في ذلك لم يصح (٢).

دليل من قال بالجواز مطلقًا:

الدليل الأول:

(ح-٣٠٤٨) ما رواه البخاري من طريق ابن أبي مليكة.

عن ابن عباس أن نفرًا من أصحاب النبي مروا بماء فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، إن في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا؟ فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ فجاء بالشاء إلى


(١) الذخيرة للقرافي (٢/ ٦٦).
(٢) انظر: مواهب الجليل (١/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>