للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونوقش هذا الحديث من وجوه:

الوجه الأول:

قال الجوزقاني: «رواه جماعة كثيرة عن عثمان، ولم يقل منهم أحد: (واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا)، إلا ما تفرد به حماد عن الجريري .... » (١).

وأجيب:

لم يتفرد به حماد بن سلمة، بل تابعه على هذا حماد بن زيد، عن الجريري،

كما رواه بالزيادة أيضًا علي ومحمد، ابنا عبيد الطنافسي (ثقتان)، قال: حدثنا عمرو بن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة به.

كما رواه بالزيادة أيضًا أشعث بن سوار، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، وقد أبان ذلك تخريج الحديث، فزال توهم علة التفرد، فلله الحمد.

الوجه الثاني:

أن الحديث محمول على الندب كما يشعر قوله: (واتخذ) (٢).

وقد ينازع المستدل بذلك بأن الأصل في الأمر الوجوب.

الوجه الثالث:

أن هذا الحديث دليل على جواز أخذ الأجرة على الأذان؛ لأنه إنما فضل المؤذن المحتسب الذي لا يأخذ على أذانه أجرًا على غيره ممن يطلب المعاوضة، ولو كانت المعاوضة حرامًا على الأذان لكان جميع المسلمين لا يأخذون على أذانهم أجرًا، ولجاء الحديث بلفظ: لا يؤخذ على الأذان أجرًا، ونحو ذلك (٣).

وأجيب:

بأن الأجر يطلق على معنيين:

المعنى الأول: الأجر عن طريق الإجارات المعقودة قبل وجوبها، مما يأخذه المستأجر، كقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦] ثم


(١) الأباطيل والمناكير (٢/ ١٧٠، ١٧١).
(٢) أسنى المطالب (١/ ١٣٢).
(٣) انظر: سبل السلام للصنعاني (١/ ٢٦٤)، الأباطيل والمناكير (٢/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>