للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد علم النبي من حال ابن أم مكتوم أنه كان يمشي بلا قائد؛ لشدة حِذقه، وذكائه، كما هو مشاهد في بعض العميان يمشي بلا قائد، لا سيما إذا كان يعرف المكان قبل العمى، أو تكرر المشي إليه بقائد، فلكثرة عادته في التردد استغنى عن القائد، وقد كان النبي يستخلفه على المدينة، فكان يصلي بهم، وهو أعمى، وقد ذكر أهل التاريخ أنه خرج إلى القادسية فشهد القتال، فاستشهد هناك، وقيل: بل رجع إلى المدينة ومات بها، بما يدل على أن العمى لم يكن عائقًا (١).

• وأجيب:

بأن الحديث معلٌّ سندًا ومتنًا. أما الإسناد، فلم يروه عن أبي هريرة إلا يزيد بن الأصم، ولا عنه إلا ابن أخيه عبيد الله بن عبد الله بن الأصم. وهذا أصح إسناد روي فيه هذا الحديث، وما عداه مما روي مسندًا فلا يصح، وأكثرها لا يصلح للاعتبار.

وعبيد الله بن عبد الله ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وسكتا عليه، وذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب، مقبول.

والحديث غريب من حديث أبي هريرة، وأبو هريرة له أصحاب يعتنون بحديثه، فأين كبار أصحابه عن هذا الحديث المهم، والذي يتعلق بأهم العبادات، وهي الصلاة، والسلف لهم عناية بأحاديث الصلاة، فأين سعيد بن المسيب، وأبو صالح السمان، والأعرج، وابن سيرين، وأبو سلمة، وطاوس، وهمام بن منبه، فهؤلاء هم كبار أصحاب أبي هريرة، والمعدودون في الطبقة الأولى من أصحابه، لماذا لم يحفظوا لنا هذا الحديث عن أبي هريرة؟ ويزيد بن الأصم ليس هو من المكثرين عن أبي هريرة حتى يغتفر له تفرده عن سائر أصحاب أبي هريرة.

هذا ما يتعلق بإسناد الحديث، وقد أوضحت ذلك في تخريج الحديث، بما يكفي، فارجع إليه إن شئت.

وأما ما يتعلق بالمتن: فإن الأمة مجمعة على سقوط الجماعة بالعذر، نص على ذلك جمع من أهل العلم (٢).


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٦٢٥)، شرح سنن أبي داود لابن رسلان (٣/ ٥٥٢).
(٢) إكمال المعلم (٢/ ٦٢٥)، شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ١٥٨)، شرح سنن
أبي داود لابن رسلان (٣/ ٥٥٢)، مرقاة المفاتيح (٣/ ٨٣٤)، فتح الباري (٢/ ١٣٠)، شرح القسطلاني على البخاري (٢/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>