للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لحديث: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم فاجتنبوه). والله أعلم.

القول الثاني:

من الفقهاء من أوجب عليه حضور الجمعة؛ وجعل إزالة رائحتها سنة؛ لأن حضور الجمعة واجب، فلا يترك لدفع مكروه، نص عليه الرملي في فتاويه.

جاء في فتاوى الرملي: «سئل: عمن أكل ذا ريح كريه في يوم جمعة جاهلًا بأنه يوم جمعة، وكانت إزالته غير عسرة، فهل تجب عليه إزالة ذلك؛ ليحضر، أو يجب عليه الحضور، ولو لم يزلها؟

فأجاب: بأنه يجب عليه تحصيل الجماعة، وإن لم يزلها؛ لأن إزالته سنة» (١).

وهذا الكلام من الرملي وإن كان متوافقًا مع حكم أكل الثوم في مذهب الشافعية، إلا أنه خلاف المعتمد في مذهب الشافعية.

القول الثالث:

من الفقهاء من فرق بين الجماعة والجمعة، فأباح له أكل الثوم للتخلف عن الجماعة؛ لعدم وجوبها عنده، ومنعه من أكل الثوم للتخلف عن الجمعة إذا وجبت عليه.

اختار هذا ابن عبد البر، قال في التمهيد: «في هذا الحديث -يعني: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا- من الفقه أيضًا: أن حضور الجماعة ليس بفرض؛ لأنه لو كان فرضًا ما كان أحد ليباح له ما يحبسه عن الفرض، وقد أباحت السنة لآكل الثوم التأخر عن شهود الجماعة، وقد بينا أن أكله مباح، فدل ذلك على ما وصفنا، وبالله عصمتنا. ألا ترى أن الجمعة إذا نودي لها، حرم على المسلمين من أهل الحضر كل ما يحبس عنها من بيع، وقعود، ورقاد، وصلاة، وكل ما يشتغل به المرء عنها؟ وكذلك من كان من أهل المصر حاضرًا فيه، لا عذر له في التخلف عن الجمعة؛ أنه لا يحل له أن يدخل على نفسه ما يحبسه عنها، فلو كانت الجماعة فرضًا، لكان أكل الثوم في حين وقت الصلاة حرامًا، وقد ثبتت إباحته، فدل ذلك على أن حضور الجماعة ليس بفرض، والله أعلم» (٢).

وقال ابن دقيق العيد: «الحديث صريح في التخلف عن الجماعة في المساجد


(١) فتاوى الرملي (١/ ٢٤١).
(٢) التمهيد، ت بشار (٤/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>