للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأسقط عنه الترخص بالتخلف إذا قصد التحايل على إسقاط الجمعة، وألزمه بالحضور مع وجود الرائحة الكريهة، ولو كان تخلفه عزيمة من أجل أذية الناس والملائكة لاقتصر على تأثيمه، ولما أوجب عليه الحضور، ولأوجب عليه إزالة الريحة، ولم يجعل إزالتها سنة.

والرخصة قد تكون واجبة كالأكل من الميتة لمن خشي الهلاك، وقد تكون مستحبة كالقصر في السفر، وقد تكون مكروهة، أي: خلاف الأولى، ومثلوا له بالفطر في حق المسافر الذي لا يشق عليه الصوم، وقد تكون مباحة، وهذا كثير.

فهذه من قبيل الرخص المكروهة، فهل يمكن تخريج ترك الجمعة الواجبة مع قولهم: يكره أكله ويكره دخول المسجد، هل يمكن أن يخرج على الرخص المكروهة، الله أعلم.

• ويناقش:

هناك فرق بين الصيام لمن لا يشق عليه في السفر؛ لأن الفطر نفسه مباح، فإذا أفطر من لا يشق عليه الفطر، فهو لم يترك واجبًا من أجل دفع مكروه، بخلاف الأكل من الثوم فهو وإن كان الأصل في أكله أنه مباح أو مكروه،، لكن إذا أكله، فإما أن نقول: يجب عليه حضور الجمعة مع الكراهة، وهذا متوافق مع حكم أكله وحكم دخول المسجد.

وإما أن نقول: لا يحضر الجمعة، وهي فرض عين، وإذا ترتب على المباح أو المكروه ترك واجب حرم أكل الثوم، كسائر المباحات والمكروهات إذا ترتب عليها ترك واجب، فالسمر مع الزوج مباح، ولو ترتب على السهر النوم عن صلاة الفجر حرم السمر، والبيع بعد نداء الجمعة مباح، وإذا ترتب عليه الانشغال عن الجمعة حرم البيع. فأما القول بأن أكل الثوم مكروه، ودخول المسجد مكروه، وإذا أكله لا يصلي الجمعة في المسجد، كان هذا القول على خلاف القواعد؛ حيث قدم ترك المكروه على فعل الواجب، والأصل أن الواجب لا يترك إلا لما هو أوجب منه، كأن يكون دخول المسجد حرامًا، فيتزاحم فعل الجمعة الواجب وترك المحرم، فيقدم ترك المحرم (الذي هو الدخول إلى المسجد) على الواجب؛

<<  <  ج: ص:  >  >>