للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(ح-٣٠٠٩) وروى مسلم من طريق إسماعيل بن علية عن الجريري، عن أبي نضرة،

عن أبي سعيد؛ قال: لم نَعْدُ أن فتحت خيبر. فوقعنا -أصحاب رسول الله - في تلك البقلة الثوم، والناس جياع، فأكلنا منها أكلًا شديدًا، ثم رحنا إلى المسجد فوجد رسول الله الريح، فقال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئًا فلا يَقْرَبْنَا في المسجد. فقال الناس: حرمت. حرمت. فبلغ ذاك، النبي فقال: أيها الناس! إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي. ولكنها شجرة أكره ريحها (١).

وأخذ ابن بطال من قوله: (من أكل من هذه الشجرة … ) دليل الإباحة، قال ابن بطال: «في هذا الحديث من الفقه إباحة أكل الثوم؛ لأن قوله: (من أكل) لفظ إباحة … وقد أكل الثوم جماعة من السلف» (٢).

وقال ابن عبد البر: «وفي هذا الحديث أيضًا من الفقه: أن أكل الثوم ليس بمحرم؛ لأن الحرام لا يقال فيه: (من فعله فلا يفعل كذا لشيء غيره؛ لأن هذا لفظ إباحة، لا لفظ منع» (٣).

• وأجيب:

بأن قوله: (من أكل من هذه الشجرة) لا دلالة فيه صريحة على الإباحة، فقد يرد مثل هذا في المنهيات، قال : من غشنا فليس منا. رواه مسلم (٤).

ومثله: من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليه.

وقال ابن المنير كما في الفتح: «هذا الصيغة إنما تعطي الوجود، لا الحكم، أي من وجد منه الأكل، وهو أعم من كونه مباحًا أو غير مباح» (٥).

قال ابن رجب: «وذهب إلى تحريم أكله طائفة قليلة من أهل الظاهر. وروي عن بعض المتقدمين أيضًا، والنصوص الصحيحة صريحة برد هذا الكلام» (٦).


(١) صحيح مسلم (٧٦ - ٥٦٥).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٤٦٥).
(٣) التمهيد، ت بشار (٤/ ٣٧٩).
(٤) عمدة القارئ (٢١/ ٧٤).
(٥) فتح الباري (٢/ ٣٤٠).
(٦) فتح الباري لابن رجب (٨/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>