للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلا يصح القول: إنه ترك واجبًا من أجل سنة؛ لأن فعل الصلاة واجب، فإذا صلى في أول الوقت كان التكليف بحسب قدرته، لأن المعتبر في الأحكام وقت الأداء.

فمن دخل عليه الوقت، وهو مقيم، ثم سافر قبل أن يصلي صلى صلاة مسافر، والعكس صحيح، فمن دخل عليه الوقت، وهو مسافر، ثم أقام قبل أن يصلي صلى صلاة مقيم؛ فالمعتبر في الأحكام وقت الأداء، فكذلك المصلي بالطائرة أول الوقت يصلي بحسب قدرته، ويسقط عنه ما يعجز عنه، ولا يجب عليه التأجيل؛ لأن المستقبل غيب.

ولأنه بمنزلة عادم الماء، له أن يصلي بالتيمم أول الوقت وإن غلب على ظنه إدراك الماء في آخر الوقت، ولا أعرف قولًا يوجب عليه التأجيل إلى آخر الوقت، وإنما تكلم الفقهاء في الأفضل.

ولقد كان أنس في زمن عمر بن عبد العزيز حين كان أميرًا على المدينة، كان يصلي وحده في بيته أول الوقت، ويقدم ذلك على صلاته جماعة بعد وقتها المفضل؛ لأنه لا يظن بعمر بن عبد العزيز أنه يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها.

(ح-٢٩٥٩) فقد روى البخاري ومسلم من طريق عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف قال:

سمعت أبا أمامة بن سهل يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك، فوجدناه يصلي العصر. فقلت: يا عم، ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: العصر، وهذه صلاة رسول الله التي كنا نصلي معه (١).

وروى مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن،

أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد. فلما دخلنا عليه قال: أصليتم العصر؟ فقلنا له: إنما انصرفنا الساعة من الظهر. قال: فصلوا العصر. فقمنا فصلينا … الحديث (٢).

وسواء أكانت الجماعة واجبة أم كانت سنة، فالصلاة مع الجماعة أكمل


(١) صحيح البخاري (٥٤٩)، وصحيح مسلم (١٩٦ - ٦٢٣).
(٢) صحيح مسلم (١٩٥ - ٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>