للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وحجة هذا القول:

إذا دخل الوقت شرعت الصلاة، فمن أراد أن يصلي فقد وجد السبب وهو دخول الوقت، وإذا صلى كان عليه أن يقوم بما يستطيع، ويسقط عنه ما لا يستطيع وقد أدرك فضيلتين:

أحدهما: فضيلة أول الوقت وهو فضيلة بالإجماع.

والثانية: فضيلة إبراء ذمته من الواجب، والمستقبل في حكم الله غيب.

ومن أراد أن يؤجل فالواجب موسع، فله أن يؤجل، ولكن لا يجب.

فالمصلي مخاطب بأداء الصلاة من حين دخول الوقت إلا أنه واجب موسع، ولا يقال: إن الصلاة في أول الوقت سنة، فكيف يقدم السنة على الواجب، فالشارع قال للمكلف: صَلِّ إما في أول الوقت، أو في وسطه، أو في آخره، كالواجب المخير في كفارة اليمين، فأداء الصلاة في أي جزء من الوقت يوصف بالوجوب إلا أن تعيينه راجع لاختيار المكلف ما لم يضق الوقت، فإذا شرع في الصلاة تعين الوقت للوجوب، فيصلى بحسب ما يقدر عليه من التكاليف (١).

المعجوز عنه وقت فعل الواجب إن كان له بدل فعله، والبدل له حكم المبدل كالإيماء بالسجود، وما لا بدل له فهو ساقط شرعًا، وما سقط لا يوصف بالوجوب،


(١) تأخير وقت الصلاة عن أول وقتها يجوز بالاتفاق، على خلاف بينهم: أتجب الصلاة في أول الوقت، أم تجب في آخره، أم أن جميع الوقت زمن للوجوب، أم أن الوجوب زمن يسع فعل العبادة إلا أنه غير معين، ويتعين إما بفعل المكلف، أو إذا ضاق الوقت؟
وهذا القول الأخير هو أقواها، وهذا ما عليه جمهور الحنفية، قال علاء الدين السمرقندي: وهذه الرواية هي المعتمد عليها، ورجحه ابن رشد من المالكية، وقال الباجي: هذا هو الذي يجري على أصول المالكية، ورجحه ابن العربي.
قال المازري في شرح التلقين (١/ ٣٧٧): «اختلف الناس في العبادة المؤقتة بوقت يمكن إيقاعها في بعضه، بماذا يتعلق الوجوب من الوقت؟ فمذهب الشافعية بأوله. ومذهب الحنفية بآخره. وقال الكرخي بفعل الصلاة، أو بآخره، وعند جمهور المالكية بجميعه. وقيل بل يتعلق بزمن واحد يسع فعل العبادة، ولكنه غير معين. وإنما يتعين إذا أوقع المكلف العبادة فيه، أو ضاق الوقت».
انظر: ميزان الأصول للسمرقندي (المختصر) (ص: ٢١٧)، وشرح أصول البزدوي (١/ ٢١٩)، المسالك في شرح موطأ مالك (١/ ٣٨١)، شرح التلقين (١/ ٣٧٧)، المقدمات الممهدات (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>