للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وسبب الاختلاف:

اختلافهم في السفينة أهي في حكم الأرض، فيجب الاستقبال حتى في النافلة، أم هي في حكم الدابة، فيخفف في النافلة؟

فمن رأى كثرة تحرف السفينة عن القبلة، وكونها سببًا لدوران الرأس لم يجعل حكمها حكم الأرض، وألحقها بالدابة للمشقة، فسقط الاستقبال في صلاة النافلة.

ومن رأى أنها واسعة ويمكن الدوران في السفينة ويمكن الجلوس عليها للقرار، بخلاف الراحلة جعل حكمها حكم الأرض، فلا يسقط عنه استقبال القبلة في النافلة؛ لأنه لو تنفل على الأرض وجب عليه الاستقبال، فكذلك في السفينة.

وفرق الشافعية بين ملاح السفينة وبين غيرهم، فلا يجب الاستقبال للملاح في النافلة، ويجب على غيرهم الاستقبال لحاجة الملاح إلى قيادة السفينة، والله أعلم (١).

وقال في الإنصاف: «لو أمكنه أن يدور في السفينة والمحفة إلى القبلة في كل الصلاة لزمه ذلك على الصحيح من المذهب .... وأطلق في رواية أبي طالب وغيره أن يدور قال: والمراد غير الملاح لحاجته» (٢).

والحق أن السفينة إن كانت مستقرة فهي في حكم الأرض، وإن كانت مضطربة، فهي في حكم الدابة، قال ابن نجيم: «إذا لم تستقر فهي كالدابة بخلاف ما إذا استقرت فإنها حينئذ كالسرير» (٣). والله أعلم.

وإن عجز عن الاستقبال صلى إلى جهة قدرته، ولا إعادة عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ٢١١).
(٢) الإنصاف (٢/ ٤).
(٣) البحر الرائق (٢/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>