للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدعوة، فقد عصى الله ورسوله) (١).

وقال ابن بطال: قوله: «هذا الحديث موقوف على أبي هريرة إلا أن قوله: (عصى الله ورسوله) يقضي برفعه وقد أخرجه أهل التصنيف في المسند … ومثل هذا لا يكون رأيًا، وإنما يكون توقيفًا» (٢).

وقال أبو العباس القرطبي: «محمول على أنه حديث مرفوع إلى رسول الله ؛ بدليل ظاهر نسبته إليه في معرض الاحتجاج به، وما كان يليق بواحد منهم للذي عُلِم من دينهم، وأمانتهم، وضبطهم، وبعدهم عن التدليس، ومواقع الإيهام، وكأنه سمع ما يقتضي تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان، فأطلق لفظ المعصية» (٣).

• ونوقش هذا:

بأن العلماء قد اختلفوا في قول أبي هريرة: (أما هذا فقد عصى أبا القاسم) أهو موقوف عليه، أم له حكم الرفع؟

وقد حكى القول بالوقف ابن بطال والمنذري وابن سيد الناس في النفح الشذي، والعيني في شرح سنن أبي داود، وابن الهمام في فتح القدير عن جماعة لم يسموهم (٤).

فوصف الفعل بمعصية النبي يحتمل أن أبا هريرة أراد من هذه النسبة الرفع إلى النبي وأن ذلك يقتضي مخالفة أمر المعصوم أو نهيه.

ويحتمل أن أبا هريرة أطلق ذلك اجتهادًا منه حيث رأى تحريم الفعل، ويصح لكل مجتهد فضلًا عن الصحابي أن يصف مرتكب ما يراه محرمًا بأنه عاص لله ولرسوله، ولا فرق بين أن يقول الصحابي: لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان، وهو موقوف بالاتفاق، وبين وصفه لمن خرج بأنه عاص للرسول ،


(١) انظر: التمهيد، ت بشار (٧/ ٤٦).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (٧/ ٢٨٩).
(٣) المفهم (٢/ ٢٨١).
(٤) شرح البخاري لابن بطال (٧/ ٢٨٩)، مختصر سنن الترمذي (١/ ١٦٦)، النفح الشذي (٤/ ٩٧)، فتح الباري (٩/ ٢٤٤)، فتح القدير (١/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>