ولا يلزم من ذكر الصفوف أنه عنى به القصة التي ذكرها نوح بن قيس، بل قصد أفضلية من يتقدم في الصلاة ومن يتأخر، ولذلك قال عطاء في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ الآية، قال: في صفوف الصَّلاة، والقتال. وانظر: التمهيد لابن عبد البر، ت بشار (٩/ ٤٦). قال الترمذي في السنن (٥/ ٢٩٦): «وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، نحوه، ولم يذكر فيه: عن ابن عباس؛ وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح». وقال البزار في مسنده (١١/ ٤٣٦): «ولا نعلم روى هذا الحديث عن النبي ﷺ إلا ابن عباس، ولا له طريق إلا هذا الطريق عنه». وقال أبو نعيم في الحلية (٣/ ٨١): «غريب من حديث أبي الجوزاء عن ابن عباس، تفرد برفعه نوح بن قيس». وقال القرطبي في تفسيره (١٠/ ١٩): «ورُوي عن أبي الجوزاء، ولم يذكر ابن عباس، وهو أصح». وقال ابن كثير في التفسير، ت السلامة (٤/ ٥٣٢): «وهذا الحديث فيه نكارة شديدة، وقد رواه عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك وهو النكري، أنه سمع أبا الجوزاء يقول في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ في الصفوف في الصلاة و ﴿الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط، ليس فيه لابن عباس ذكر، وقد قال الترمذي: هذا أشبه من رواية نوح بن قيس». قال محقق تفسير الثعلبي (١٥/ ٤٥٤): «أقول: هذِه السورة كلها مكية، فما كان هناك حجاب ولا نفاق في العهد المكي، كما لم يكن هناك أذان، فما كان شهود الجماعة فرضًا على الرجال فضلًا عن النساء، فلا يتصور هذا في الحنفاء والسابقين إلى الإسلام». (١) انظر: موسوعة التفسير المأثور (١٢/ ٣٥٢).