للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المساجد إذا استأذنكم إليها. فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهن! قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سبًّا سيِّئًا ما سمعته سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله وتقول: والله لنمنعهن!. هذا لفظ مسلم، واقتصر البخاري على المرفوع (١).

وجه الاستدلال:

دَلَّ الحديث بمنطوقه على نهي الأولياء عن منع نسائهم من الذهاب إلى المسجد، فقال بعض أهل العلم: فيه دليل على أن المرأة لا تخرج إلى المسجد بدون إذن زوجها، فإنه لو لم يكن له إذن في ذلك لأمرها أن تخرج إن أذن أو لم يأذن، فأراد الرسول من النهي حض الأزواج على إباحة ذلك لهن لِمَا كان لهم المنع.

ولأن طاعة الزوج وحقه في ملازمة المسكن واجب، والخروج للمسجد مباح، فلا يترك الواجب لتحصيل مباح.

ويحتمل أن الرسول أراد أن يحكم به لهن على الأزواج، فإذا استأذنته للخروج إلى المسجد فالزوج منهي عن منعها (٢).

وهو المفهوم من إضافة الإماء والمساجد إلى الله، فهي أمة الله، فالولاية له، وقد قصدت بيت الله، فلا وجه لمنعها.

وعلى كلا القولين فإن مفهومه: أن للولي أن يمنعها من الخروج إلى غير المسجد إلا فيما يجب عليها، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأن حقها بالخروج إلى المسجد مقيد بما إذا لم يخف فتنة أو ضررًا؛ لأن وقاية الأهل من واجبات الولاية، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦].

وقوله: (إماء الله) نكرة مضافة فتعم، فيشمل المرأة الشابة كما يشمل المرأة الكبيرة، فالجميع (إماء الله).

وأقل أحوال النهي الكراهة، فيكره للولي أن يمنع نساءه من الذهاب إلى المسجد. ولماذا لم يحمل النهي على التحريم؟


(١) صحيح البخاري (٨٧٣، ٥٢٣٨)، ومسلم (١٣٤، ١٣٥ - ٤٤٢).
(٢) انظر: المنتقى للباجي (١/ ٣٤٢)، والمجموع (٤/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>