(٢) هذا الأثر روي عن أم سلمة من أكثر من طريق: الطريق الأول: أم الحسن خيرة مولاة أم سلمة. قال الحافظ عنها في التقريب: مقبولة، يعني: في المتابعات، وإلا ففيها لين حيث التفرد، ولم تتفرد بهذا الأثر، فقد توبعت. ولعلها أقوى درجة مما ذكر الحافظ، فقد روى عنها جمع، وروى لها مسلم في صحيحه حديثين، أحدهما: (تقتل عمارًا الفئة الباغية). وحديث: (كنا ننبذ لرسول الله ﷺ في سقاء يوكى أعلاه). وذكرها ابن حبان في ثقاته (٤/ ٢١٦). وقال ابن حزم: ثقة مشهورة. المحلى (٣/ ١٢٧). فإذا اعتبرنا إخراج مسلم حديثها في صحيحه توثيقًا ضمنيًّا، لم ينزل حديثها عن مرتبة الحسن لذاته، فإذا أضفت إلى ذلك توثيق ابن حبان وابن حزم تأكد الاحتجاج بها، والله أعلم. وقد روى هذا الأثر عن أم الحسن قتادة، واختلف عليه: فرواه سعيد بن أبي عروبة، من رواية علي بن مسهر كما في مصنف ابن أبي شيبة (٤٩٥٣)، ويحيى بن سعيد القطان كما في المحلى لابن حزم (٢/ ١٦٨)، عنه. وهمام بن يحيى، كما في الزيادات على كتاب المزني لأبي بكر النيسابوري (٧٨)، كلاهما عن قتادة، عن أم الحسن به. وسماع يحيى بن سعيد من ابن أبي عروبة قديم. خالفهما شعبة، كما في الزيادات على كتاب المزني (٧٧)، فرواه عن قتادة، عن أم سلمة: صلت في درع وخمار وصفيق، وأمت النساء، فقامت وسطهن، ولم تَقَدَّمْهُنَّ. وهذا منقطع؛ قتادة لم يسمع من أم سلمة، والذي يظهر أن رواية ابن أبي عروبة، وهمام من زيادة الثقة؛ ترجيحًا للعدد على الواحد، والله أعلم. الطريق الثاني: حجيرة بنت الحصين، عن أم سلمة. رواه الثوري كما في مصنف عبد الرزاق، ط التأصيل (٥٢٢٧)، ومسند مسدد كما في المطالب العالية (٣٩٧)، وابن حزم في المحلى (٢/ ١٦٨) و (٣/ ١٣٧)، والأوسط لابن المنذر (٤/ ٢٢٧)، والبيهقي في السنن (٣/ ١٨٧)، وفي المعرفة (٤/ ٢٣١)، وفي الخلافيات (٣/ ٣٩٤). وسفيان بن عيينة، كما في الأم للشافعي (١/ ١٩١)، وفي المسند (ص: ٥٣)، ومصنف ابن أبي شيبة (٤٩٥٢)، ورواه عن سفيان غير منسوب، فيحتمل أنه الثوري أو ابن عيينة، كما في الطبقات الكبرى لابن سعد (٨/ ٤٨٤)،، وفي الزيادات على المزني لأبي بكر النيسابوري (٧٥)، وسنن الدارقطني (١٥٠٨)، كلاهما عن عمار الدهني، عن حجيرة بنت حصين قالت: أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا. في إسناده حجيرة بنت الحصين، لم أقف على أحد وثقها، ففيه جهالة، وهي من التابعين، وقد قال الذهبي في الميزان (٤/ ٦٠٤): «ما علمت في النساء من اتهمت، ولا من تركوها». اه ولم تنفرد به، فقد توبعت، تابعتها خيرة أم الحسن، فالحديث بمجموع الطريقين يكون حسنًا، والله أعلم. قال النووي في الخلاصة (٢٣٥٨): «رواهما الدارقطني، والبيهقي بإسنادين صحيحين».