(٢) أثر عائشة رواه عنها أربعة: أحدها: ريطة الحنفية، وفيها جهالة. والثاني: طاوس، وقد تفرد به ليث بن أبي سليم، وهو سيئ الحفظ. الثالث: عطاء، وقد رواه عن عطاء اثنان: ليث بن أبي سليم، وابن أبي ليلى، وكلاهما ضعيف، لكن أحدهما يعضد من الآخر، فطريق عطاء وريطة الحنفية، يدل على صحة الأثر عن عائشة، والله أعلم. الرابع: يحيى بن سعيد، عن عائشة، ولم يسمع منها. أما أثر ريطة الحنفية، عن عائشة: رواه عبد الرزاق عن الثوري، كما في إسناد الباب، ومن طريق الثوري أخرجه ابن سعد في الطبقات (٨/ ٤٨٣)، والإمام أحمد في العلل رواية عبد الله (٣٦١١)، وابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٢٧)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على كتاب المزني (٧٢، ٧٣، ٧٤)، والدارقطني في السنن (١٥٠٧)، والبيهقي في الخلافيات (٢٦٢٧). في إسناده ريطة الحنفية، ليس لها إلا هذا الأثر فيما وقفت عليه، ولم ير عنها إلا ميسرة بن حبيب النهدي، فهي مجهولة، وقد علمت قول الذهبي في الميزان (٤/ ٦٠٤): «ما علمت في النساء من اتهمت، ولا من تركوها». اه ولم يكن علم الجرح والتعديل زمن التابعين قد انتشر؛ لأن الكذب فيهم لم ينتشر كما انتشر في غيرهم، فهذا الأثر شاهد صالح لأثر أم سلمة ﵂. وأما رواية عطاء وطاوس، عن عائشة: فرواه ليث بن أبي سليم، عن عطاء عن عائشة، أنها كانت تؤذن، وتقيم، وتؤم النساء، وتقوم وسطهن. رواه الحاكم في المستدرك (٧٣١)، ومن طريقه البيهقي في السنن (١/ ٦٠٠)، من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، ثنا عبد الله بن إدريس، عن ليث به. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٣٢٣) أخبرنا ابن إدريس به، بلفظ: (أنها كانت تؤذن وتقيم)، ولم يذكر إمامتها للنساء. وكذلك رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٣٢٧) حدثنا معتمر، عن ليث، عن عطاء، أن عائشة كانت تؤذن وتقيم. ولم يذكر إمامتها للنساء. وقد يكون ابن أبي شيبة اختصره، خاصة أنه ساقه في باب الأذان والإقامة للنساء، أو أن هذا من قبل ليث، فإنه سيئ الحفظ، والله أعلم. وكذلك رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٣٢٢) أخبرنا ابن علية، عن ليث، عن طاوس، عن عائشة، أنها كانت تؤذن وتقيم. فخالف في إسناده، ولم يذكر إمامتها للنساء. تابعه من هو مثله، تابعه ابن أبي ليلى: فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف، ت: الشثري (٥٠٤٣) حدثنا وكيع. ورواه أيضًا (٥٠٤٤)، حدثنا علي بن هاشم، كلاهما عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة أنها كانت تؤم النساء تقوم معهن في الصف. هذا لفظ علي بن هاشم، ولفظ وكيع: أنها كانت تؤم النساء في الفريضة. ورواه ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٢٧)، قال: حدثنا أبو جعفر بن أسباط، قال: حدثنا بكر، قال: حدثنا عيسى، عن محمد -هو ابن أبي ليلى- عن عطاء، عن عائشة، وكان عندها نسوة من أهل العراق، فحضرت الصلاة، فأمتهن وسط الصف. لم أعرف شيخ ابن المنذر، ولا شيخ شيخه (بكرًا) إلا أن يكون سقطت كلمة (أبو) ويكون المقصود به ابن أبي شيبة، وأما عيسى هو ابن يونس. والله أعلم.