للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا الفعل من أنس ليس أثرًا خالصًا، بل هو تطبيق عملي لوصية النبي لأبي ذر، أن يصلي الصلاة لوقتها، وظاهره ولو كان منفردًا، والصلاة في أول الوقت مستحب، فقد صلى النبي أول الوقت وآخره ثم قال: الوقت بين هذين كما في حديث أبي موسى وبريدة وكلاهما في مسلم (١)، فلو كانت الصلاة في المسجد واجبة لما قدم المستحب على الواجب.

الدليل الخامس:

(ح-٢٨٥٢) روى البخاري ومسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري قال:

سمعت أنس بن مالك يقول: سقط النبي عن فرس فجحش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى بنا قاعدًا، فصلينا وراءه قعودًا … وذكر الحديث (٢).

قوله: (فحضرت الصلاة) (أل) في الصلاة للعهد، أي حضرت الصلاة المعهودة، وهي صلاة الفريضة؛ لأن النفل إن كان مطلقًا فلا وقت له، فلا معنى لقوله: (حضرت الصلاة).

وإن كان معينًا فما كانوا يجتمعون له، والأصل في صلاة الجماعة أن تكون للمكتوبة إلا بدليل (٣).

(ح-٢٨٥٣) وروى البخاري ومسلم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: صلى رسول الله في بيته وهو شاك،


(١) انظر حديث أبي موسى في مسلم (١٧٨ - ٦١٤)، وحديث بريدة فيه أيضًا (١٧٦ - ٦١٣).
(٢) صحيح البخاري (٨٠٥)، وصحيح مسلم (٧٧ - ٤١١)، واللفظ لمسلم.
(٣) إذا جاء دليل على أن الصلاة كانت نافلة لم تحمل على الفريضة، ومثال ذلك:
ما رواه مسلم (٢٦٧ - ٦٥٩) من طريق أبي التياح عن أنس، قال: كان النبي أحسن الناس خلقًا، فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا، قال: فيأمر بالبساط الذي تحته، فيكنس، ثم ينضح، ثم يؤم رسول الله ، ونقوم خلفه، فيصلي … الحديث.
فهذه الصلاة كانت ستحمل على الفريضة لولا ما رواه مسلم (٢٦٨ - ٦٦٠)، من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: دخل النبي علينا، وما هو إلا أنا وأمي وأم حرام خالتي، فقال: قوموا فلأصلي لكم في غير وقت صلاة فصلى بنا.
وعند أبي داود (٦٠٨) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت به: فصلى بنا ركعتين تطوعًا.
فلولا هذا النص لحملت الصلاة جماعة على الفريضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>