للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كلامه عندهم» (١).

وفي كتاب الروايتين والوجهين قال صالح: «كنت مع أبي حين صلى، ولم


(١) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (١/ ٢٩٩)، وسيرة الإمام أحمد لابنه صالح (ص: ٣٨)، الروايتين والوجهين لأبي يعلى (١/ ١٦٥).
وجميع هؤلاء قد نقلوا رواية صالح، عن أبيه، وقول الإمام أحمد: نحن جماعة، نصلي هاهنا: دليل على أنه يفرق في الحكم بين فعلها جماعة، وبين فعلها في المسجد.
وقد حكى رواية الاستحباب ابن مفلح في الفروع، ولم يشكك في صحة نسبتها إلى الإمام، ونقلها صاحب الإنصاف (٢/ ٢١٣)، وقال: «وله فعلها في بيته في أصح الروايتين، وكذا قال في التلخيص، والبلغة، ومجمع البحرين، قال في الشرح، والنظم: هذا الصحيح من المذهب، وصححه في الحاوي وغيره وقدمه في الفروع، والكافي، والرعاية الكبرى، وابن تميم وغيرهم».
وفي التنقيح له (ص: ١٠٥): «وتسن في مسجد». اه وفي حاشية ابن قاسم (٢/ ٢٦٣): «بلا ريب».
وقال الحافظ ابن رجب في شرحه للبخاري (٥/ ٤٥١): «أنكر بعض محققي أصحابنا أن يكون عن أحمد رواية بأن حضور المساجد للجماعة سنة -يقصد المجد والله أعلم- وأنه يجوز لكل أحد أن يتخلف عن المسجد، ويصلي في بيته؛ لما في ذلك من تعطيل المساجد عن الجماعات، وهي من أعظم شعائر الإسلام.
ويلزم من هذا؛ أن لا يصح عن أحمد رواية بأن الجماعة للصلاة من أصلها سنة غير واجبة بطريق الأولى، فإنه يلزم من القول بوجوب حضور المسجد لإقامة الجماعة القول بوجوب أصل الجماعة، من غير عكس». اه
ولا تُرَدُّ الرواية عن أحمد؛ لأنه يلزم من القول بها تعطيل المساجد، فلو أن كل قول لا يعجبنا نستبعد صحة نسبته إلى قائله لبطلت أقوال كثيرة عن الصحابة والأئمة، وإنما ترد الرواية إذا قُدِح في صحة سندها إلى قائلها، وهل تعطلت المساجد في البلاد التي تعمل بمذهب المالكية أو الشافعية من عصرهم إلى يومنا هذا؟ فكلا الروايتين محفوظتان عن الإمام أحمد: القول بوجوب فعلها في المسجد، رواها ابنه عبد الله، والقول بأن فعلها في المسجد سنة، رواها صالح، وهي الصحيح من مذهبه، ولهذا قال المرداوي: وهي أصح الروايتين. والإمام أحمد واسع الاجتهاد، وله في المسألة الواحدة روايات كثيرة، وتعدد الرواية عنه لا يبطلها، وإنما الذي ليس بمنصوص عن الإمام أحمد -وإن حكي رواية عنه- القول بأن الجماعة فرض كفاية، والقول بأن الجماعة شرط في صحة الصلاة، والسبب ليس ضعف هذه الأقوال، وإنما لأنها حكيت تخريجًا، وليس نصًّا عن الإمام، ولو كان كل هذه الأقوال رواية عن الإمام أحمد، ما قال المرداوي: وهي أصح الروايتين، إشارة إلى أن المروي عن الإمام روايتان فقط، والباقي تخريج، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>