للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كلها من الجماعات، فإذا قامت الجماعة في المسجد، فصلاة المنفرد في بيته جائزة».

ولأن الرسول لم يقل ذلك في حق رجل أو رجلين تخلفا، بل قال ذلك في حق جماعة اعتادوا على ترك الجماعة، فالنبي خشي من ترك الناس لها أن يؤول ذلك إلى تعطيل المساجد إذا فتح الباب في تركها، وتتابع الناس على التهاون بها، فيكون ذلك من باب سد الذرائع.

فإن قيل: إن ابن مسعود قد أخبر عن الصحابة أنهم ما كانوا يتخلفون عنها حتى كان الرجل المريض يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، وما كان يتخلف عنها إلا رجل منافق معلوم النفاق.

فالجواب: أن هذا الفعل ليس على سبيل الوجوب، فالنبي قد تخلف عن الجماعة حين مرض، ورأي ابن مسعود قد خالفه غيره من الصحابة كما جاء في البحث.

ومن الجمع، من قال: إن صلاة الجماعة كانت واجبة في أول الإسلام ثم نسخ الوجوب، وذلك أن المسلمين في أول الأمر كانوا قلة، وكانوا بحاجة إلى الاجتماع؛ ليقوِّي بعضهم بعضًا، فكانت الجماعة واجبة، كما كان قيام الليل في أول الإسلام واجبًا ثم نسخ.

ولأن حديث يزيد بن الأسود: (إذا صلى أحدكم في رحله .... )، وقع في حجة الوداع، وهذا دليل على تأخره.

ومن الجمع، قال: إن الجماعة واجبة خلف النبي ، وذكرنا أدلتها في البحث، من حديث أنس وعائشة في الصحيحين.

إذا عرفت هذا من الخلاف أدركت كم هي المسألة شائكة، والخلاف قوي جدًّا، وأجد نفسي تميل شيئًا إلى القول بعدم وجوب صلاة الجماعة، لأمور منها:

الأمر الأول: كثرة الأدلة، والكثرة من المرجحات عند الفقهاء، فهناك عشرة أحاديث أكثرها في الصحيحين، أو في أحدهما تدل على سنية صلاة الجماعة مقابل حديث أبي هريرة، والذي لم يأخذ الأئمة الأربعة بدلالته على وجوب الجماعة في المسجد، وهي الرواية المشهورة من مذهب أحمد.

الأمر الثاني: أن هذه الأحاديث أكثرها دلالته نصية، وسالمة من الاعتراض،

<<  <  ج: ص:  >  >>