والسادس والسابع: حديث أبي ذر ﵁، حيث أمره النبي ﷺ إن أدرك الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها أن يصليها لوقتها، فإن أدركها معهم صلاها، وكانت له نافلة، وكان أنس يفعل ذلك في زمن عمر بن عبد العزيز، حيث كان يصلي الصلاة أول الوقت وحده في بيته، والمسجد بجوار بيته، ويقدم ذلك على صلاته جماعة بعد وقتها المفضل.
الثامن والتاسع: حديث أنس وحديث عائشة وكلاهما في الصحيحين: لما تخلف النبي ﷺ عن صلاة الجماعة لسقوطه من فرسه، وجاء بعض أصحابه لعيادته، فأدركتهم الصلاة، صلوا معه، ولم يأمرهم بالصلاة جماعة في المسجد، وهذا وإن كانوا قد صلوا جماعة، لكن فيه معارضة لوجوبها في المسجد لحديث أبي هريرة من الهم بالتحريق.
العاشر: حديث عتبان بن مالك، وفيه:( … يا رسول الله، إنها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصلِّ يا رسول الله في بيتي مكانًا أتخذه مصلى … ).
فلو كانت الجماعة واجبة لكان سقوط الذهاب إلى المسجد بالعذر لا يلزم منه سقوط الجماعة في البيت، فلما لم يشترط عليه الجماعة في البيت دل على عدم وجوبها.
فهذه عشرة أدلة أكثرها يدل على سنية صلاة الجماعة، وبعضها يدل على عدم وجوبها في المسجد.
فالإمام أحمد في رواية وبعض الحنفية رجحوا أن الجماعة فرض عين: وأجابوا عن الأدلة العشرة بأجوبة تمت مناقشتها، بعضها لا يُسَلَّم لقائله.
وذهب المالكية والشافعية وبعض الحنفية إلى ترجيح الأدلة العشرة لكثرتها، على خلاف بينهم في الجماعة، أهي سنة مؤكدة أم فرض كفاية، وحاولوا أن يدفعوا حديث أبي هريرة بما ذكرته في البحث.
ومن العلماء من حاول الجمع بينها:
فقيل: حديث أبي هريرة يدل على أن الجماعة فرض على الكفاية.
قال ابن عبد البر: «لإجماعهم على أنه لا يجوز أن يجتمع على تعطيل المساجد