للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بطلانها في المكان المغصوب، والثوب المغصوب والحرير عنه روايتان. وقد يجب في العبادات ما لا تبطل بتركه، كواجبات الحج.

وما دلت عليه الأحاديث من القول بوجوب الجماعة في الصلوات المكتوبات، وأنها تصح بدونها دليل واضح على بطلان قول من قال: إن النهي يقتضي الفساد بكل حال، أو أن ذلك يختص بالعبادات، أو أنه يختص بما إذا كان النهي لمعنى يختص بالعبادة؛ فإن هذا كله غير مطرد. والله أعلم» (١).

وقد يقال: لا نسلم أن كل ما وجب للعبادة فهو شرط فيها، فالشرطية قدر زائد على الوجوب، والحكم بالشرطية لا بد له من دليل خاص، فالأذان والإقامة واجبان للجماعة على الصحيح، ووجوبهما لا يجعلهما من شروط العبادة، فلو صلى بلا أذان وإقامة صحت صلاته، ولا يطلب منه الإعادة.

والإحرام من الميقات واجب، ووجوبه لا يجعله شرطًا لصحة الإحرام، ولأن الأصل عدم الشرطية.

• الراجح:

تعودت في البحوث أن أذكر في ختام كل بحث الراجح من الخلاف، ولا يخفى أن المقصود به الراجح فيما ظهر للباحث، وقد لا يكون هو الراجح في حقيقة الأمر، ولهذا كانت المسألة خلافية بين كبار الأئمة، ومن الطبيعي أن تكون خلافية عند طلبة العلم من باب أولى، والذي أرجوه أن أكون قد ذكرت أدلة كل الأقوال ولم أبخس قولًا حقه من الأدلة، وأن أكون منصفًا في مناقشة الإيرادات والاعتراضات التي ترد على الدلالات. والصواب والخطأ في الترجيح ضرب لازم، لا ينفك عنه مجتهد، وإذا لم يعصم منه الأئمة فلن يعصم منه صغار طلبة العلم، وقد اجتهدت وسعي في جمع أدلة المسألة، والكلام على دلالتها، وبيان الصحيح من ذلك والضعيف، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأ فذلك من طبع البشر، فالله لم يكلف المجتهد إذا بذل وسعه إصابة الحق؛ لأن ذلك من التكليف بما لا يطاق، ومهما حاول الباحث إتقان البحث وتنقيحه إلا ويبقى فيه بعض الخلل


(١) فتح الباري لابن رجب (٦/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>