للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قبوله، فيكون المقصود ركوع الصلاة الذي هو ركن فيها، فكأنه استغنى بالركوع عن سجود التلاوة، وعليه يحمل الأثر الوارد عن ابن مسعود، وأما الركوع بنية سجدة التلاوة زائدًا على ركوع الصلاة فهذا هو الذي لا يصح، وهو محل الخلاف.

قال ابن يونس: «إن قصد به الركوع فلم يسجدها، وإن قصد به السجدة فقد أحالها عن صفتها وذلك غير جائز».

الوجه الثالث:

أن السجود عند التلاوة المقصود منه إظهار الخضوع، ألا ترى أن السجود غير مشروع بلا سبب حتى لا يلزم بالنذر، فالغرض منه: إظهار الخضوع، ومخالفة المستكبرين منهم، وذلك حاصل من الركوع، ولكن شرطه أن يكون بطريق هو عبادة، وهذا يوجد في الصلاة؛ لأن الركوع فيها عبادة كالسجود، ولا يوجد خارج الصلاة، وقد كان أبو هريرة إذا لم يسجد الإمام للتلاوة أومأ برأسه، جمعًا بين متابعة الإمام وإظهار الخضوع (١)، بخلاف ركوع الصلاة وسجودها فإنهما عبادتان مقصودتان، فلا يقوم أحدهما مقام الآخر، ولأنه لو ركع بسجدة الصلاة أدى ذلك إلى تكرر الركوع في ركعة، وهو ركن لم يوضع على التكرار.

الدليل الثاني:

(ث-٧٠٣) ما رواه الطبراني من طريق إبراهيم،

عن ابن مسعود، قال: من قرأ الأعراف، والنجم، و ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، فشاء أن يركع بآخرهن ركع أجزأه سجود الركوع، وإن سجد فليضف إليها سورة (٢).

وفي رواية: من قرأ الأعراف، والنجم، ﴿و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، فإن شاء ركع بها، وقد أجزأه عنه، وإن شاء سجد، ثم قام فقرأ السورة، وركع، وسجد (٣).


(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٩٦) حدثنا غندر، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، أنه سمع عبد الرحمن الأعرج، يقول: كان أبو هريرة يسجد في ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، فإذا قرئت، وكان خلف الإمام، فلم يسجد الإمام؛ قال: فيومئ برأسه أبو هريرة. وسنده صحيح.
(٢) المعجم الكبير للطبراني (٩/ ١٤٦، ١٤٧) ح ٨٧٣٢، ٨٧٣٣.
(٣) المرجع نفسه (ح ٨٧٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>