فالنبي داود خَرَّ راكعًا، ونبينا ﷺ سجد عند تلاوتها، اقتداء بهدي من سبقه، فكان الركوع قائمًا مقام السجود.
وإن أراد بالركوع: الخضوع، وأن معناه: خر ساجدًا، فعبر بالركوع عن السجود، فلولا أن أحدهما يقوم مقام الآخر لم يعبر عنه به، فالصلاة فيها خضوعان: الركوع والسجود، فكان السجود مفعولًا عند التلاوة، فالقياس أن يكون الآخر مثله.
• ونوقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن الركوع وإن كان خضوعًا، فالسجود أبلغ في الخضوع منه، فلا يوجد معناه فيه، وإذا كان الركوع لا ينوب عن السجود في الصلاة، فكذلك في التلاوة، وقوله:(وخَّر): دليل على أن المراد به السجود؛ لأن الخرور لا يكون إلا في السجود.
الوجه الثاني:
لو سلمنا أن داود خر راكعًا، فهذا في شرع من قبلنا، والثابت عن النبي ﷺ السجود، وهو ما استمر عمل النبي ﷺ ومن بعده عليه، فإذا تركه النبي ﷺ ولم يفعله ولا مرة واحدة مع إمكان فعله دلَّ ذلك على عدم جوازه، فلا يقوم الركوع مقامه.
• ورد هذا النقاش بأكثر من وجه:
الوجه الأول:
الخرور في اللغة: هو السقوط، فكما يكون إلى السجود يكون إلى الركوع.
الوجه الثاني:
لا يقاس سجود التلاوة على سجود الصلاة، فسجود التلاوة يصح فيه التداخل، فلو تلا السجدة في مجلس واحد مرتين، اقتصر على سجود واحد مع قرب الفاصل -وقد سبق بحث هذه المسألة- بخلاف سجود الصلاة، فليس مبناه على التداخل حتى مع تقارب السجدتين.
• ورد هذا الوجه:
إن قصد بالركوع الصلاة والسجدة على نية التداخل، كما تتداخل تكبيرة الإحرام مع تكبيرة الركوع في حق المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا، فهذا يمكن