لأن الناس لا بد لهم من التنقل مشاةً وركبانًا، فلو قلنا: لا يجوز التنفل ماشيًا أدى إلى انقطاع الناس عن أحد أمرين: إما عن نوافلهم، وإما عن تنقلهم ومعايشهم، وهذا المعنى يعمُّ الراكبَ والماشي، وإذا جاز التنفل بالإيماء ماشيًا، جاز السجود بالإيماء للتلاوة؛ لأن ما صح في سجود الصلاة، صح في سجود التلاوة؛ لأن الصلاة شرطها أعلى وأوكد؛ لوجوب القراءة، والطهارة، والسترة، بخلاف التلاوة على الصحيح، والله أعلم.
• ويناقش:
لا يقاس الماشي على الراكب، فإذا صححنا التنفل من الماشي حتى لا ينقطع من أوراده وطاعاته، مع عدم نقله في السنة، فلا يلزم منه صحة السجود بالإيماء، لأن الماشي على الأرض سجوده عليها لا يكلفه الشيء الكثير، بخلاف الراكب، فإن نزول الراكب أكثر مشقة، فيمتنع الإلحاق، والله أعلم.
• ويرد:
إذا اختلفت المشقة في السجود على الأرض بين الركب والماشي، فإن انقطاع السير موجود فيهما، فالسجود بالإيماء لا يوجب انقطاع السير بخلاف السجود على الأرض، والسجود بالإيماء خير من تركه.
الدليل الثاني:
السجود بالإيماء يقوم مقام السجود على الأرض في حال العذر، قال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]، فالآية دليل على صحة صلاة الفريضة من الماشي في حال الخوف، فإذا تصور وجود صلاة صحيحة بالإيماء من الماشي في حال الخوف، تصور وجود مثل ذلك في النفل مطلقًا، ألا ترى أن الفريضة لما صحت من الراكب في حال الخوف صحت النافلة من الراكب في حال السفر مطلقًا؟
وإذا صح السجود بالإيماء من الماشي، صح كذلك سجود التلاوة.
• دليل من قال: يصح السجود بالإيماء من المسافر:
هؤلاء قاسوا الماشي على الراكب، وحملوا النصوص المطلقة في تنفل الراكب على الدابة، على النصوص المقيدة في حال السفر، وأن السفر قيد معتبر، لأنه مظنة التخفيف، كما خفف عن المسافر شطر الصلاة الرباعية، وبعض السنن