للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصحيحين، والمثبت مقدم على النافي.

قال الطحاوي: «ما رويناه عن أبي هريرة من هذا يخالف ما رويناه عن ابن عباس فيه؛ لأن الذي رويناه عن ابن عباس فيه إخباره بترك رسول الله السجود في المفصَّل بعد أن قدم المدينة، وفي هذا سجوده فيه بعد أن قدم المدينة، وكان هذا عندنا أولى؛ لأن إثبات الأشياء أولى من نفيها» (١).

وقال ابن المنذر: « .... ولو ثبت - يعني: حديث ابن عباس- لكان أبو هريرة في موضع شاهد، وابنُ عباس في موضع نافٍ لشيء، والشاهد المخبر أولى من الشاهد النافي الذي ليس شاهدًا مخبرًا» (٢).

الجواب الثالث:

لو صح أن النبي لم يسجد في المفصَّل في المدينة، لكان الترك ليس دليلًا على النسخ، وإنما دليل على عدم وجوب السجود؛ لأن مجرد الترك لا يكون نسخًا لِمَا ثبت مشروعية فعله حتى يأتي في الأدلة ما يدل على رفع الحكم الأول، وليس هناك ما يفيد ذلك، فكانت القاعدة الشرعية تقول: إذا أمر الرسول بأمر كان على الوجوب، فإذا خالفه دلَّ ذلك على أن الأمر على الاستحباب، وإذا نهى عن شيء كان نهيه على التحريم، فإذا فعله كان ذلك قرينة على أن النهي للكراهة، إلا أن يأتي نصٌّ يدل على اختصاص ذلك بالنبي .

قال ابن رشد الحفيد: «وجه الجمع بين ذلك يقتضي ألا يكون السجود واجبًا، وذلك بأن يكون كل واحد منهم حدَّث بما رأى، من قال: إنه سجد، ومن قال: إنه لم يسجد» (٣).

وهذا الجمع متوجه لو كانت الأحاديث في ترك السجود صحيحة، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-٢٧٥١) ما رواه البخاري ومسلم من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط،


(١) مشكل الآثار (٩/ ٢٤٥).
(٢) الأوسط (٥/ ٢٧١).
(٣) بداية المجتهد (١/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>