للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فهو سجود تعليم، كقوله: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحِجر: ٩٨]، فهذه الآيات ليس فيها سجود تلاوة، فكذلك قوله: ﴿ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾.

وعلى هذا يأتي مذهب مالك إذا اعتبرته؛ لأن جميع ما لم ير فيه السجود جاء على سبيل الأمر، فهو محمول على سجود الصلاة، وجميع ما رأى فيه السجود جاء على سبيل الخبر، أو الذم لمن ترك السجود.

فإن قيل: سجدة ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ جاءت على سبيل الخبر، ولا سجود فيها عنده.

قيل له: الوعيد المذكور فيها يقوم مقام الأمر.

فإن قيل: سجدة (حم) جاءت على سبيل الأمر، ويسجد فيها عنده.

قيل له: المعنى فيها الإخبار عن فعل الكفار الذين لا يسجدون لله، ويسجدون للشمس والقمر، والنهي عن التشبه بهم في ذلك، ويدل على ذلك قوله في آخر الآية: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ [فصلت: ٣٨]؛ لأن المعنى في ذلك: فإن استكبر الكفار عن السجود لله فالذين عنده لا يستكبرون عن ذلك، وقد أجاز بعض العلماء السجود عند قوله: ﴿وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ ليكون عند ذكر الإخبار على الأصل الذي ذكرناه (١).

• ويجاب بجوابين:

الجواب الأول:

الرواية مقدمة على تفسير الدراية، واجتماع عدد من الصحابة على اعتبارها سجدة تلاوة، منهم عمر وعثمان وابن عمر في أحد قوليه، وابن عباس في أحد قوليه، وأبو موسى وأبو الدرداء كل هؤلاء وفيهم خليفتان راشدان ذهبوا إلى أن سورة الحج فيها سجدتان، فهو دليل على أنهم أخذوا ذلك من النبي ، لأنه لا مجال للاجتهاد، وهذه الآثار الصحيحة تعضد ما روي مسندًا بإسناد ضعيف، وما روي مرسلًا بإسناد حسن، والاحتجاج بالمرسل حجة عند الحنفية والمالكية، والله أعلم.


(١) المقدمات الممهدات (١/ ١٩١)، المسالك شرح موطأ مالك (٣/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>