للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يقصد الاستماع.

وسبق الجواب عن الاحتجاج بقول الصحابة: (إنما السجود على من استمع) أن كلمة (على) ظاهرة إما في وجوب السجود أو في تأكده، ولا ينفي جواز السجود من السامع؛ لانعقاد سببه، وهو سماع آية السجدة.

الدليل الثاني:

(ح-٢٧٣٧) ما رواه البخاري، من طريق أيوب، عن عكرمة،

عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس (١).

وجه الاستدلال:

أن سجود هؤلاء جميعهم دليل على أن السجود جائز بمجرد السماع، وإن كان بعضهم لم يقصد الاستماع قطعًا، ولم يبين النبي أن السجود لا يشرع إلا في حق المستمع، والأصل في الحديث الإطلاق، ومن قيد السجود بالمستمع فعليه الدليل.

• ويناقش:

أما الصحابة فإن سجودهم للاستماع، وأما سجود المشركين فلا دلالة فيه شرعية حتى يعارض به ما ثبت صريحًا عن جماعة من الصحابة حيث قصروا أن السجود على من استمع.

الدليل الثالث:

الاستماع شرط في ثبوت الأجر؛ كما قدمنا لأنه لا عمل إلا بنية، وليس للإنسان إلا ما نوى، وقد صاغ الفقهاء من النصوص الشرعية قاعدة فقهية، فقالوا: لا ثواب إلا بنية (٢).


(١) صحيح البخاري (١٠٧١).
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٤).
حتى التروك كالزنا وشرب الخمر لا يؤجر الإنسان فيها بالترك المجرد إلا إذا كان مع ذلك نية في تركها.
انظر: التروك النبوية «تأصيلًا وتطبيقًا» (١/ ٨٩)
وقال الحموي في غمز عيون البصائر (١/ ٩٤): «لا يثاب المكلف على التروك إلا إذا ترك قصدًا، فلا يثاب على ترك الزنا إلا إذا كَفَّ نفسه عنه قصدًا».
وقال الزركشي في البحر المحيط (١/ ٣٨٥): لا يحصل الثواب على الكف إلا مع النية والقصد».
وقال ابن حجر في الفتح (١/ ٢١): «والتحقيق أن الترك المجرد لا ثواب فيه، إنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس، فمن لم تخطر المعصية بباله أصلًا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفًا من الله تعالى».
وقال أيضًا (١/ ٢١): «الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه لا الترك المجرد».

<<  <  ج: ص:  >  >>