للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وانعقد الإجماع على كثير منها، وعرف الخلاف السائغ في سواها، فلا وجه لذلك مع ما فيه التخليط على الناس بالفراغ من الخطبة، والقيام إلى الصلاة (١).

• ويناقش:

بأن الله لم يقبض نبيه محمدًا إلا وقد أكمل الله دينه، ونزلت البشرى بذلك في حجة الوداع، وأحكامه استقرت، والنسخ أغلق بموت النبي ، وقد فعل عمر هذا الفعل بهذا المجمع العظيم، وبحضور كبار الصحابة ولم ينكر، فكان إجماعًا سكوتيًّا، فأيُّ العملين أحق بالاتباع؟: عمل أهل المدينة زمن عمر حين كان كبار الصحابة متوافرون، أم عمل أهل المدينة زمن مالك ولم يدرك مالك من التابعين إلا صغارهم.

وقد سجد عمر ، وترك السجود، ونقل لنا هذا في أثر واحد، والمالكية يحتجون بترك عمر للسجود على عدم وجوبه، وهو حق، ولا يحتجون بسجود عمر على مشروعية السجود حال الخطبة، والأثر واحد (٢).

والزعم أن عمر سجد للتعليم، هذا قول مخالف للحقيقة؛ لأن عمر سجد وترك وبيَّن لماذا ترك، بقوله: (يا أيها الناس إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وزاد نافع عن ابن عمر: إن اللّه لم يفرض السجود إلا أن نشاء) (٣).


(١) انظر: المنتقى للباجي (١/ ٣٥١).
(٢) يقول القاضي عبد الوهاب في الإشراف (١/ ٢٦٩): سجود التلاوة مستحب غير واجب … خلافًا لأبي حنيفة؛ لأنه إجماع الصحابة، روي عن عمر أنه قرأ سجدة على المنبر يوم الجمعة، فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم الجمعة الأخرى قرأها، فتهيأ الناس للسجود، فقال: على رسلكم إن الله تعالى لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، وفي طريق آخر: (من سجد فقد أحسن، ومن لم يسجد فلا إثم عليه) وذلك بمحضر من المهاجرين والأنصار، فلم ينكر ذلك أحد، ولا حكي فيه خلاف. اه
فانظر كيف يكون ترك السجدة إجماعًا، ولا يكون السجود في الخطبة إجماعًا أيضًا، والأثر واحد، والفاعل واحد، والشاهد واحد.
(٣) صحيح البخاري (١٠٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>