الثالث: أن رواية بكر ليس فيها موضع الشاهد، وهو قراءة آية السجدة على المنبر، وإنما فيها أن رأى رؤيا أنه كان يكتب سورة (ص) فلما بلغ السجدة سجد القلم والدواة، وكل شيء، فأخبر النبي ﷺ، فكان يسجد فيها. وسجود النبي ﷺ في سورة ص ثابت في الصحيح. هذا من حيث الإجمال، وأما من حيث التفصيل: فقد رواه عن بكر المزني اثنان: حميد الطويل، وعاصم، على اختلاف في عاصم، فقيل: عاصم الأحول، وقيل: عاصم بن بهدلة. أما رواية حميد: فقد اختلف عليه: فرواه ابن أبي عدي كما في مسند أحمد (٣/ ٨٤)، عن حميد، عن بكر، قال: قال أبو سعيد، ولم يذكر سماعًا. ورواه حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، أن أبا سعيد الخدري ﵁ قال: رأيت فيما يرى النائم … وذكر الحديث، وظاهره الإرسال. رواه الحاكم في المستدرك (٣٦١٦) من طريق أبي الوليد الطيالسي، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد به. وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: على شرط مسلم. ورواه أبو جعفر المستغفري في فضائل القرآن (١٣٥٧) من طريق مؤمل بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي سعيد، قال: كان رسول الله ﷺ يسجد بمكة في النجم، فلما قدم المدينة رأيت في المنام كأني أكتب سورة (ص) … وذكر الحديث. ومؤمل سيئ الحفظ. ورواه يزيد بن زريع كما في مسند أحمد (٣/ ٧٨)، قال: حدثنا حميد، قال: حدثني بكر؛ أنه أُخبر أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا … وذكر نحوه. ويزيد بن زريع ثقة، وهو صريح بأن بكر بن عبد الله لم يسمع الحديث من أبي سعيد. ورواه هشيم بن بشير، عن حميد، واختلف عليه: فرواه مسدد -ثقة- كما في السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٤٥٣)، وفي معرفة السنن (٣/ ٢٥١)، وفي دلائل النبوة له (٧/ ٢٠)، حدثنا هشيم، أنبأ حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله، قال: أخبرني مخبر عن أبي سعيد، قال: رأيت في المنام كأني أقرأ (ص) وذكر نحو الحديث. وهذه متابعة من هشيم من رواية مسدد عنه لابن زريع بالتصريح بأنه لم يسمعه من أبي سعيد. قال الدارقطني في العلل (١١/ ٣٠٤): «وقال مسدد: عن هشيم، عن حميد، عن بكر، عن رجل، عن أبي سعيد … ». =