ورد الأمر بالسجود في كتاب الله، قال تعالى: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾ [النجم: ٦٢].
وقال تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: ١٩].
وقال تعالى: ﴿ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ [الحج: ٧٧].
وجه الاستدلال:
أمر الله ﷾ بالسجود، والأصل في الأمر المطلق الوجوب.
• ويناقش:
الأمر المطلق المتجرد عن القرائن يدل على الوجوب في أصح أقوال أهل العلم، والمخالف يرى أن هذا الأمر قد احتف به من القرائن ما يصرفه عن الوجوب، انظر أدلة القول الثاني، ومن ذلك عمل الصحابة رضوان الله عليهم، فهم أعلم من غيرهم بدلالات الألفاظ، حيث تلقوا الأوامر الشرعية من النبي ﷺ، بلا واسطة، وهي منقبة للصحابة وحدهم، بخلاف غيرهم فهو يتعامل مع النص بحسب ما تقتضيه الدلالة اللفظية فقط، وشتان بين هذا وذاك.
فانظر يا رعاك الله كيف تلقى الصحابة هذه النصوص من النبي ﷺ، وكيف عملوا بها، فالتطبيق العملي لهذه النصوص لدى الصحابة مقدم على مجرد الدلالة اللفظية للنص؛ لأن الأمر كما يأتي للوجوب فهو يأتي للاستحباب، فالمندوب مأمور به أيضًا، وهذا الذي لم يوفق له الظاهرية، ومن تأثر بمنهجهم.
وقد فهم الصحابة من هذه النصوص أن سجود التلاوة على الاستحباب، ولم يتلقوه على أنه من الواجبات، ولا أظن أن هذا الفهم كان مبنيًّا على اجتهاد في دلالة هذه النصوص، وإلا لاختلفوا، وسوف يأتي النقل عنهم في أدلة القائلين بالاستحباب.
يقول الطاهر بن عاشور في توكيد هذا الأصل: «يقصر بعض العلماء