للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويتوحّل في خَضخاض من الأغلاط حين يقتصر في استنباط أحكام الشريعة على اعتصار الألفاظ، ويوجّه رأيه إلى اللفظ مقتنعًا به، فلا يزال يقلِّبه ويحلِّله ويأمل أن يستخرج لُبَّه، ويهمل ما قدمناه من الاستعانة بما يحف بالكلام من حافات القرائن والاصطلاحات والسياق، وإنّ أدق مقام في الدلالة وأحوجه إلى الاستعانة عليها مقام التشريع، وفي هذا العمل تتفاوت مراتب الفقهاء، وترى جميعهم لم يستغنوا عن استقصاء تصرفات الرسول ولا على استنباط العلل، وكانوا في عصر التابعين وتابعيهم يشدّون الرحال إلى المدينة ليتبصّروا من آثار الرسول وأعماله وعمل الصحابة ومن صحبهم من التابعين. هنالك يتبيّن لهم ما يدفع عنهم احتمالات كثيرة في دلالات الألفاظ، وليتضح لهم ما يستنبط من العلل تبعًا لمعرفة الحكم والمقاصد. وفي هذا المقام ظهر تقصير الظاهرية وبعض المحدِّثين المقتصرين في التَفَقُّه على الأخبار» (١).

الوجه الثاني:

أن الأمر بالسجود المقصود به الأمر بالصلاة، وليس أمرًا بسجود التلاوة، وأطلق السجود على الصلاة؛ لكونه ركنًا فيها، بدليل أنه قرن بالأمر بالركوع، وقد اتفق العلماء على أن الركوع لا يكون قربة إلا إذا تقرب به داخل الصلاة، فلا يتقرب بالركوع خارج الصلاة، فكذلك أراد بالأمر بالسجود الأمر بالصلاة.

• ويجاب:

بأن الراجح في الأمر بالسجود في سورة الحج أنها سجدة تلاوة، صح ذلك عن عمر، وعثمان، وأبي موسى، وأبي الدرداء ، وأحد القولين عن ابن عمر، وأحد القولين عن ابن عباس، وسيأتي مزيد إيضاح إن شاء الله تعالى عند الكلام على سجدة الحج.

الدليل الثاني:

قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾ [الانشقاق: ٢٠، ٢١].


(١) مقاصد الشريعة (٣/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>