للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

قوله: (وكان لا يفعل ذلك في السجود) (أل) في السجود للعموم، فتشمل كل سجود، ومنه سجود التلاوة وسجود الصلاة.

قال عبد الرحمن بن قدامة: ويتعين تقديمه على حديث وائل بن حجر؛ لأنه أخصُّ منه (١).

فإن قيل: يحتمل أن تكون (أل) للعهد، فيحمل على السجود المعهود المتحدث عنه، وهو سجود الصلاة.

فالجواب: إذا ثبت عدم الرفع في سجود الصلاة، فالشمول اللفظي يعم سجود التلاوة، فمن ادعى ثبوته في سجود التلاوة فعليه الدليل، والأصل عدم المشروعية.

الدليل الثاني:

رفع اليدين في العبادة توقيفي، لا مجال للاجتهاد فيه، وليس ملازمًا لتكبيرة الافتتاح؛ لثبوته مع تكبير الركوع والرفع منه، وقد يوجد التكبير بلا رفع لليدين، كالتكبير للسجود والرفع منه، فكان ثبوته متوقفًا على النص، ولم يثبت رفعهما في سجود التلاوة، لا في داخل الصلاة، ولا في خارجها، والأصل في العبادات الحظر، ومن زعم مشروعيتهما فعليه الدليل.

الدليل الثالث:

سجود التلاوة ليس بصلاة كما بينا في مسألة مستقلة، فلا يصح قياسه على الصلاة، ولو كان صلاة لم يصح القياس؛ لأن رفع الأيدي تعبديٌّ غيرُ معقول المعنى، ومن شرط القياس معنى جامع أو علة جامعة بين الفرع والأصل، ولو كان الرفع معقول المعنى فالسجود في الصلاة ليس من المواضع التي ترفع فيها الأيدي على الصحيح في قول أكثر أهل العلم، كما دلَّ على ذلك حديث ابن عمر في الصحيحين، وإنما ثبت الرفع في تكبيرة الإحرام بالاتفاق، وفي الركوع والرفع منه على الأصح، وعند القيام من التشهد الأول في أحد القولين، فالسجود ليس من المواضع التي ترفع فيها الأيدي، وسجود التلاوة لا إحرام فيه، ولا تكبير على


(١) الشرح الكبير على المقنع (١/ ٧٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>