الخرور في اللغة بمعنى السقوط، وهو يحصل من القائم كما يحصل من القاعد، يقول كعب بن مالك فيما رواه البخاري ومسلم في قصة توبته، وفيه: .... فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ .... يا كعب أبشر، قال: فخررت ساجدًا … الحديث (١).
الجواب الثاني:
على التسليم أن الخرور لا يكون إلا من قيام، فإن قوله: ﴿خَرُّوا سُجَّدًا﴾: يحتمل الحقيقة، ويحتمل المجاز.
فإن حُمِل الخرور على المجاز، وأن قوله:(خَرُّوا سُجَّدًا) كناية عن الخضوع والانقياد والاستسلام والقبول، فلا دليل فيه على استحباب الخرور من قيام.
ويؤيد ذلك أن هذا الخرور علق بسماع آيات الله، فهو ليس خاصًا بآيات السجدة، ولا يشرع السجود بمجرد سماع الآيات، فكان الخرور كناية عن الخضوع لأحكام القرآن، بتصديق أخباره، والعمل بمحكمه، والتسليم له.
فإن قيل: هذا الحمل يصدق على آية السجدة في سورة مريم، ولكنه لا يصدق على آية الإسراء؛ إذْ لا تحتمل مثل هذا التأويل، لأنه نص على أن الخرور للأذقان، فكان المقصود به خرور الوجه، وهذا لا يكون إلا بالسجود الحقيقي.