للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالجواب: أن التعبير بالوجه لا يلزم منه إرادة العضو من الإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾، [لقمان: ٢٢].

وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [النساء: ١٢٥]، فإسلام الوجه لله في الآية: أراد به إخلاص العبادة والقصد، وقوله: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ أي مصيب في عمله، فعبر عن الإخلاص بإسلام الوجه لله، وأطلق البعض، وأراد به الكل.

وإن حمل الخرور على الحقيقة، فيحمل على سجود الصلاة، فهو يقع أول ما يقع من القائم، والآيات إنما تحمل على الغالب الكثير، وهو سجود الصلاة دون السجود العارض كسجود التلاوة ..

وإن حمل على سجود التلاوة، فالآية تتحدث عن خرور القائم، وهذا لا نزاع فيه، فالقائم لا يستحب له الجلوس إذا أراد السجود، وإنما الخلاف في قيام القاعد ليخرَّ قائمًا، وهذه الآيات ليست نصًّا فيه، وهذا ما نصَّ عليه بعض المالكية.

قال بعض المالكية: إن عرض له السجود، وهو قائم، هوى لها ندبًا من قيامه، ولا يجلس ليأتي بها من جلوس.

ومفهومه: أنه إنْ عرض له السجود، وهو جالس، سجد لها من جلوس، والله أعلم (١)

الدليل الثاني:

(ح-٢٦٩٧) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة أم المؤمنين أنها أخبرته: أنها لم تر رسول الله يصلي صلاة الليل قاعدًا قط حتى أسن، فكان يقرأ قاعدًا، حتى إذا أراد أن يركع، قام فقرأ نحوًا من ثلاثين آية أو أربعين آية، ثم ركع (٢).

وجه الاستدلال:

تحريه مع قعوده أن يقوم ليركع، ويسجد، وهو قائم دليل على أنه أفضل؛ إذ


(١) جاء في التوضيح لمن رام المجموع بنظر صحيح (٢/ ١٩٣): « … إذا قرأها، وهو ماش أو مصلٍ فإنه يهوي لها ندبًا من قيامه، ولا يجلس ليأتي بها من جلوس؛ لأن ذلك خلاف الأولى».
(٢) صحيح البخاري (١١١٨)، ورواه مسلم (١١٢ - ٧٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>