وطلبًا للسلامة من العهدة، ولا سبيل إلى مراعاة الخلاف بين قولين: أحدهما يقول: لا تسجد، والآخر يوجب السجود، ولا بين قولين: يقول أحدهما: تجب قراءة الفاتحة وراء الإمام، وآخر يقول: تحرم القراءة، والله أعلم.
• دليل من قال: إن قرأها قبل وقت النهي منع من أدائها فيه، وإلا جاز.
قالوا: إذا قرأها قبل وقت النهي، فيمنع من أدائها في وقت النهي؛ لأنها وجبت كاملة فلا تتأدَّى بالناقص، فالقضاء يحكي الأداء، بخلاف ما إذا وجبت في وقت النهي فتؤدي فيه كما وجبت.
• ونوقش هذا:
الصحيح أن سجود التلاوة مرتبط بسببه، وتأخيره عن سببه يؤدي إلى فواته، كصلاة الكسوف والخسوف، ولوكان يصح تأخيره عن سببه لأُخر إذا حصلت التلاوة في الصلاة، وإنما اغتفرت زيادة سجود التلاوة في الصلاة مع كونه ليس منها؛ لأنه مطلوب تأديته على الفور، ولفواته بالتأخير، وقضاء العبادة لا يصح إلا بدليل، ولم يصح في المسألة سنة يمكن التحاكم إليها، والأصل عدم صحة القضاء إلا بتوقيف، والله أعلم.
• دليل من قال: يسجد بعد الصبح ما لم يسفر، ولا يسجد بعد العصر:
(ح-٢٦٩٥) يمكن أن يستدل لهذا القول بما رواه البخاري ومسلم في قصة توبة كعب بن مالك، وفيه:( .... فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ، أوفى على جبل سَلْعٍ بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدًا)(١).
وجه الاستدلال:
فهذا النص دليل على صحة سجدة التلاوة بعد الصبح قياسًا على سجدة الشكر، ولم يأت نص يدل على جواز سجدة التلاوة بعد العصر.