أن المنقول عن ابن عمر من النهي عن سجود التلاوة في أوقات النهي دليل على أنه يراه داخلًا في مسمى الصلاة، والسند إليه أصح من السند الذي روي عنه أنه كان يسجد على غير وضوء، بل قيل عن إسناد معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: إنه من أصح الأسانيد، والأثر الثاني أشهر؛ لأن البخاري في صحيحه قد ساقه معلقًا عنه بصيغة الجزم، فاشتهر الثاني دون الأول، وعند الرجوع لمن رواه موصولًا نجد إسناده ليس بالقائم، فقد انفرد به زكريا بن أبي زائدة على اختلاف عليه، فقد رواه عنه اثنان، والأوثق منهما قد رواه بزيادة رجل مبهم، فالحكم له على من خالفه، فلا يصح، وعلى افتراض صحة الأثر فيجمع بينهما بحيث يحمل أثر ابن عمر الذي يجيز السجود بلا طهارة على أول التشريع بناء على البراءة الأصلية، ويحمل الأثر الثاني على أنه ناقل عنها، خاصة أن الذي رواه عنه هو سالم، وعن مشاهدة، فهو متأخر، فإذا جمعت أثر ابن مسعود، وأثر عثمان، وما وافقهما من أثر ابن عمر قدم ذلك على ما عارضها من الأثر الآخر لابن عمر، الذي لا يرى الطهارة، خاصة إذا وقفت على ما ورد من اختلاف في إسناده، والله أعلم.
الدليل السابع:
لم يوجد في النصوص إطلاق الصلاة على ما دون الركعة، فأقل ما صدق عليه إطلاق الصلاة في النصوص الشرعية، هو ما جاء من الإيتار بركعة واحدة، على خلاف بين الفقهاء في حكم الوتر بركعة واحدة، فالجمهور على الجواز خلافًا للحنفية.
(ح-٢٦٩٢) فقد روى البخاري من طريق عبيد الله، عن نافع،
عن عبد الله بن عمر، قال: سأل رجل النبي ﷺ وهو على المنبر، ما ترى في صلاة الليل؟ قال: مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدة، فأوترت له ما صلى (١).
وجه الاستدلال:
قوله:(صلى واحدة) فأطلق على الركعة الواحدة صلاة، ولم يطلق على ما دون الركعة صلاة، ومنه السجدة.