للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الثامن:

قال تعالى: ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٠].

وجه الاستدلال:

أن السحرة سجدوا، ولم يكونوا حينها على طهارة، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه.

• ويناقش:

بأن هذا السجود ليس من سجود التلاوة حتى يمكن الاحتجاج به، فسجود التلاوة: ما كان سببه تلاوة آية من آيات السجود، وليس منه سجود السحرة، فسجود السحرة سجود خضوع لله وتسليم له، والقياس عليه قياس مع الفارق، وعلى نفي الفارق لا يصح الاستدلال به إلا بمقدمتين:

الأولى: صحة الاحتجاج بشرع من قبلنا.

الثاني: التسليم بأنه لم يرد في شرعنا ما يخالفه، والمخالف ينازع في هاتين المسألتين، والله أعلم.

• الراجح:

بعد استعراض الأقوال أجدني بين قولين: قولٍ يراه الأئمة الأربعة وأكثر السلف حتى حكي إجماعًا على أن سجود التلاوة يشترط له ما يشترط للصلاة، وبين قول يخالفه روي عن الشعبي، وروي عن سعيد بن المسيب على اختلاف عليه.

والآثار عن الصحابة قليلة وفيها اختلاف، والأثر الوحيد الصريح أنه لا يتوضأ مروي عن ابن عمر، ومعارض بآثار أخرى عنه، وعن بعض الصحابة فمن جهة الأقوال تكون الكفة لصالح من يقول: يشترط له الطهارة، وأما من جهة الأدلة فأجد أن الكفة تميل إلى القول بعدم الوجوب، فالمسألة ليست من المسائل الجلية، ولا أنها من الخلاف الضعيف، فالراجح سيكون بين قولين: قوي وأقوى، والقول بعدم وجوب الطهارة أقوى، وقد تحريت أن أعرض الأدلة والأقوال بقدر الإمكان بالحياد حتى يتبيَّن للقارئ أيُّ القولين أقوى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>