قال: كان مالك ينهى عن هذا، والذي أرى أنه لاشيء عليه». قوله: كان مالك ينهى عن هذا: نص في النهي عن قراءة الآية حال الحدث، وحال وقت النهي. وقول ابن القاسم: لا شيء عليه، أي لا شيء عليه في قراءة آية السجدة على غير وضوء، لكنه لم يتعرض للسجود نفيًا، ولا إثباتًا، فهل أراد: أنه إذا قرأ آية السجدة، فلا سجود عليه؛ لفقد الشرط، وهو الطهارة. أو أراد: أنه إذا قرأ فلا حرج عليه إذا سجد؛ لكونه لا يدخل في مسمى الصلاة؟ لم يتبين لي. فالفرق بين قول ابن القاسم وبين قول إمامه: هو في الإذن في قراءة آية السجدة للمحدث، وأما ما يترتب على القراءة، فهذا ليس واضحًا، وإن كان قد يقال: إنما منع الإمام مالك من القراءة حتى لا يسجد، فيكون إذن ابن القاسم بالقراءة أنه لا مانع من السجود. وقد نص مالك في الموطأ أنه لا يقرأ من سجود القرآن شيئًا بعد الصبح، ولا بعد صلاة العصر، انظر: الموطأ رواية يحيى (١/ ٢٠٦). وتعليل المالكية: أنها صلاة، فلا تفعل في أوقات النهي. وروى ابن القاسم، عن مالك في المدونة، أنها يسجدها بعد الصبح ما لم يسفر، وبعد العصر ما لم تصفر الشمس، وهو المذهب عند أصحاب مالك. والتعليل: أنها من السنن المؤكدة، فتفارق النوافل المحضة، فأشبهت صلاة الجنازة. ومقتضى هذا التعليل: أنها لا تقرأ في وقت النهي على قول مالك. وعلى قول ابن القاسم: لا شيء عليه في قراءتها في أوقات النهي، ويسجد، لأنها من السنن المؤكدة، فيكون قول ابن القاسم فيما يتعلق بوقت النهي: لا شيء عليه، أي في قراءتها، وفي السجود لها في وقت النهي ما لم تصفر الشمس عصرًا، أو يسفر صبحًا، والله أعلم. انظر: مختصر خليل (ص: ٢٨)، الرسالة للقيرواني (ص: ٤٥)، وسوف تأتينا هذه المسألة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.