وقال النووي في المجموع (٤/ ٧٢): «مذهبنا أنه لا يكره سجود التلاوة في أوقات النهى عن الصلاة … وقالت طائفة: يكره منهم ابن عمر وابن المسيب ومالك -في رواية إسحاق- وأبو ثور ﵃». ولا معنى لكراهية السجدة في أوقات النهي إلا إذا اعتبرت السجدة من جملة الصلوات. وانظر: مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٠٧، ٢٧٢). وقد سئل محمد بن الحسن عن الرجل إذا ضحك في السجدة حتى قهقه، فقال في الأصل (١/ ٣١٨): «يعيد السجدة، ولا يعيد الوضوء. قلت: لم لا يعيد الوضوء إذا قهقه في السجدة؟ قال: لأنها ليست بصلاة، ألا ترى أنه لا قراءة فيها، ولا تشهد». وقال القدوري الحنفي في التجريد (٢/ ٦٤٦): «سجدة التلاوة ليست صلاة عندنا». وجاء في مواهب الجليل (١/ ٣٧٧): «الذي جزم به صاحب الطراز، أن سجود التلاوة ليس بصلاة، وإنما هو شبيه بالصلاة، كما أن الطواف شبيه بالصلاة وليس بصلاة، وإن أطلق على ذلك صلاة فمن طريق المجاز لا الحقيقة، ثم قال: ألا ترى أن من حلف: لا أصلي في وقت مخصوص، فسجد للتلاوة لا يحنث؟». (١) حكاه ابن بطال في شرح البخاري (٣/ ٥٦) عن ثلاثة من السلف، ابن عمر ﵄، والشعبي، وظاهر صنيع البخاري من ترجمته، واستدلاله في الصحيح، حيث قال (٢/ ٤١): باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس، ليس له وضوء، وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء، ثم قال ابن بطال (٣/ ٧٥): وذهب فقهاء الأمصار، إلى أنه لا يجوز سجود التلاوة إلا على وضوء، فإن ذهب البخاري إلى الاحتجاج بقول ابن عمر والشعبي: نسجد مع المشركين فلا حجة فيه؛ لأن سجود المشركين لم يكن على وجه العبادة والتعظيم له … إلخ». فالأصح أن يقال: حكاه ابن بطال عن جمع من السلف، لأن الثلاثة والأربعة والخمسة لا يقال لهم: كثير من السلف، ولهذا اعتبره ابن رشد من الخلاف الشاذ. وأما قول ابن تيمية ﵀ في مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٦٥): «وسجود القرآن لا يشرع فيه تحريم، ولا تحليل، هذا هو السنة المعروفة عن النبي ﷺ، وعليه عامة السلف، وهو المنصوص عن الأئمة المشهورين .... إلخ». فهذه النسبة ليس في اشتراط الطهارة، وإنما في اشتراط التحريم والتسليم، وإن رتب عليه ابن تيمية بأنه ليس بصلاة، لأن لازم القول ليس بقول، هذا لو قدر أن الأئمة لم ينصوا على اشتراط الطهارة، فكيف وقد نصوا على أنه يشترط له ما يشترط للصلاة، والله أعلم.