رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٢١)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٨٤) من طريق محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة. وسأل عبد الله بن أحمد أباه كما في العلل ومعرفة الرجال (١/ ١٦٣): «كان سعيد اختلط. قال: نعم، ثم قال: من سمع منه بالكوفة مثل محمد بن بشر وعبدة فهو جيد». وانظر: شرح علل الترمذي (٢/ ٧٤٣). وقال أبو عبيد الآجري كما في تهذيب الكمال (٢٤/ ٥٢٣): سألت أبا داود عن سماع محمد بن بشر من سعيد بن أبي عروبة، فقال: هو أحفظ من كان بالكوفة». خالفه أبان بن يزيد العطار، وهو ثقة، كما في مصنف ابن أبي شيبة (٤٣٢٠)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٨٤)، فرواه عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، قال: تومئ برأسها إيماء. ولولا ما قيل في رواية قتادة، عن سعيد لاحتمل هذا الاختلاف، هذا من حيث الإسناد. وأما من حيث الدلالة: فهذا النص ليس صريحًا في المسألة، فقد حمله بعض الفقهاء على أن سعيد بن المسيب لا يشترط الطهارة لسجود التلاوة، وأنه لا يراه من جملة الصلوات؛ لكونه لم يمنع منه الحائض، ولأن فيه قوله: (اللهم لك سجدت). وليس صريحًا، فقد يعترض عليه بالقول: إذا كان لا يراه صلاة، فلماذا لا يجعل الحائض تسجد كهيئة سجود الصلاة، فالإيماء: إشارة إلى مجرد الخضوع، فكونه تحاشى أن تسجد كما تسجد المرأة الطاهر، فيه إشارة إلى أنه يراه من جملة الصلوات، فأحب لها إظهار الخضوع بالإيماء، فالسجود له حقيقة لغوية، وحقيقة شرعية: فالحقيقة اللغوية: مطلق الخضوع والتسليم، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ [الانشقاق: ٢١ - ٢٢]. فالسجود هنا: ليس هو المقصود به وضع الجبهة بالأرض، بل الخضوع والتسليم، لأنه جعل في مقابل التكذيب، ولأن الكافر لا يمكن أن يخاطب بسجود التلاوة، ولو سجد لم يقبل منه حتى يؤمن بالله. فلا تستطيع أن تقول عن أثر ابن المسيب: إنه يرى السجود للحائض، والله أعلم. بدليل ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٩٦) حدثنا غندر، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، أنه سمع عبد الرحمن الأعرج، يقول: كان أبو هريرة يسجد في ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، فإذا قرئت، وكان خلف الإمام، فلم يسجد الإمام؛ قال: فيومئ برأسه أبو هريرة. وسنده صحيح. فلو كان إيماء أبي هريرة برأسه سجودًا ما خالف فيه الإمام، وقد ترك السجود، والعلماء متفقون أن الإمام إذا ترك سجدة التلاوة لا يسجد المأموم، والله أعلم. القول الثاني عن سعيد المسيب: صريح أنه يراه من جملة الصلوات، قال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٧٤): وكان سعيد بن المسيب ينهى عن سجدة القرآن بعد العصر حتى تغرب =