ولم تجب المفارقة؛ لأن الإمام في فعله متبع للحكم الشرعي، وإن جاز عليه الخطأ، كالمأموم، ولو خالف الإمام ما يعتقده بطلت صلاته. وإنما تجب مفارقته لو كان مقطوعًا ببطلان صلاته، وإذا لم يقطع بذلك كان على المأموم انتظاره؛ ليسلم معه: إما استحبابًا وإما وجوبًا، والله أعلم.
• دليل من قال: يتخير بين المتابعة والمفارقة:
لما كانت صلاة الإمام للركعة الخامسة مترددة بين الصحة والبطلان، كان المأموم مخيَّرًا بين المتابعة والمفارقة.
• ويناقش:
لو قيل: يخير المأموم بين المفارقة والانتظار لكان محتملًا، وأما المتابعة فلا يسوغ التخيير فيها لما تقدم، فإن كانت صلاة المأموم تامة حرمت عليه المتابعة؛ لأن ذلك زيادة في صلاته، وإن كانت صلاة المأموم ناقصة وجب عليه المتابعة لإتمامها، فكيف يسوغ تخيير المأموم بين زيادة الركعة وتركها، والصلاة ركعاتها معلومة لا تقبل الزيادة ولا النقص، فهي إما زائدة فتكون حرامًا، وإما لإتمام نقص فتكون واجبة.
وكون ركعة الإمام مترددة بين الصحة والبطلان، فليس مسوغًا لمتابعته إذا لم يشاركه المأموم سبب البطلان، كما لو صلى المأموم المغرب خلف من يصلي العشاء، فإن الإمام يقوم إلى ركعة أصلية، ومع ذلك لا يجوز للمأموم متابعته؛ لأنها ركعة زائدة في حق المأموم، فوجب على المأموم: إما انتظاره، وإما مفارقته، وخشيت أن يكون هناك خطأ من النساخ، في التخيير بين المتابعة والمفارقة، إلا أني وجدت الفروع، والإنصاف والمبدع ومعونة أولي النهى متوافقة على التخيير في المتابعة، ولا يعلم هذا القول إلا عند الحنابلة، وهو من غريب القول إلا أن أكون قد أوتيت من سوء فهمي، فالعتب على الفهم.
• دليل من قال: يفارقه إن سجد الإمام في الركعة الزائدة:
ذهب الحنفية إلى أن الإمام إذا قام إلى خامسة في الظهر، أو رابعة في المغرب، لم يتابعه المقتدي، وسبح به، فإن رجع الإمام قبل أن يصلي ركعة كاملة سَلَّم معه