قال ابن حزم:«إذا سها المأموم، ولم يسه الإمام، ففرض على المأموم أن يسجد للسهو، كما كان يسجد لو كان منفردًا أو إمامًا ولا فرق؛ لأن رسول الله ﷺ أمر كما أوردنا آنفا كل من أوهم في صلاته بسجدتي السهو، ولم يخص ﵇ بذلك إمامًا، ولا منفردًا من مأموم، فلا يحل تخصيصهم في ذلك»(١).
• ونوقش:
هذه العمومات دخلها التخصيص بأدلة أخرى، والعام مظنة التخصيص، من هذه النصوص، حديث أبي هريرة المتفق عليه:(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) حتى قال: (وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين).
فإذا ترك المأموم القيام مع قدرته عليه، فلئن يترك سجود السهو من باب أولى فأولى.
كما ترك المأموم التشهد الأول وقعدته إذا سها الإمام فقام عنه متابعة لإمامه، ولئن كان الإمام معذورًا بالسهو، فالمأموم لا عذر له إلا وجوب متابعته لإمامه، كما دل على ذلك حديث عبد الله بن بحينة في الصحيحين، فالسجود للسهو مقيس على ترك التشهد الأول وقعدته.
ولهذا كل فعل يغير من هيئة الصلاة المشروعة كزيادة جلوس فإن عمده يبطل الصلاة، ويسجد لسهوه إلا المأموم فإنها تغتفر له الزيادة الفعلية، وإن غيرت هيئة صلاته، إذا كانت بسبب متابعته للإمام، كالمسبوق بركعة إذا دخل مع الإمام، فصلى مع الإمام ركعة، فجلس الإمام وجب على المأموم الجلوس معه، وإن لم يكن موضعًا لجلوسه من أجل واجب المتابعة، وإذا صلى الإمام الركعة الثالثة كانت في حق المسبوق الركعة الثانية، ومع ذلك يدع القعدة الأولى والتشهد لواجب المتابعة، ولا يلزمه سجود سهو، فإذا كان تعمد الزيادة من المأموم متابعة لإمامه لا يبطل صلاته، فزيادتها سهوًا لا تبطل صلاته من باب أولى، ولا يشرع في حقه سجود السهو، فدل كل ذلك على أن المأموم غير المسبوق لا يجب عليه سجود السهو إذا سها وحده مع إمامه، والله أعلم.