للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأول: أن الشك في أركان الصلاة يكثر، فعفي عنه نفيًا للحرج، بخلاف الشك في أداء الصلاة.

الثاني: أن الشك في أركان الصلاة حدث بعد تيقن انعقاد الصلاة، والظاهر استمرارها على الصحة بخلاف الشك في فعل الصلاة فإنه شك هل دخل في الصلاة أم لا، والأصل عدم الدخول (١).

الدليل الثاني:

إذا شك، ولو بعد السلام، فالأصل عدم الفعل فيتدارك المشكوك فيه وما بعده، ويسجد للسهو، ولا يعارضه قولهم: الظاهر أن صلاته على التمام؛ لأن الأصل مقدم على الظاهر؛ فالأصل مستمد من الأدلة، وقواعد الشريعة، كقولهم: الأصل في الماء الطهارة، والأصل في الفروج التحريم، وهذا الأصل صفته الثبوت والدوام، بخلاف الظاهر فإنه مأخوذ من واقع الحال، كقولهم في ثياب الكفار: الظاهر أنهم لا يتقون النجاسات، وهذا الواقع يتغير، فقد يكون الظاهر في مكان يختلف عن الظاهر في مكان آخر، فإذا تعارض الأصل مع الظاهر، قدم الأصل، والله أعلم.

• ويناقش:

هناك مسائل قد يقدم فيها الظاهر على الأصل بغير خلاف وذلك لقوته.

قال ابن رجب في القواعد: «إذا تعارض الأصل والظاهر، فإن كان الظاهر حجة يجب قبولها شرعًا كالشهادة، والرواية، والإخبار فهو مقدم على الأصل بغير خلاف» (٢).

ومما يترجح فيها الظاهر على الأصل على الصحيح غسل آنية الكفار قبل استعمالها، ففي حديث أبي ثعلبة الخشني في الصحيحين، قال : فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها.

فأمر النبي بغسلها إن لم يوجد غيرها، وغسلها قبل استعمالها مبني على ترجيح الظاهر على الأصل، فالأصل في آنيتهم الطهارة، ولما أمرنا بغسلها كان


(١) انظر: المجموع (١/ ٤٩٤).
(٢) القواعد (ص: ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>